رسالة من دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية إلى الأحزاب السياسية والأطر المجتمعية العالمية
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

في إطار المواكبة الدائمة لما يحدث في قطاع غزة من حرب إبادة يومية، بعثت "دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" برسالة إلى مئات الأحزاب السياسية والأطر القانونية والإنسانية والمجتمعية الغربية، استعرضت فيها مواقف الدول الغربية وضرورة تطويرها وصولاً إلى وقف الحرب ومحاسبة المجرمين الإسرائيليين على ما اقترفوه من جرائم.  

(يمكن الحصول على نص الرسالة باللغات: العربية، الإنكليزية، الفرنسية، الألمانية والإسبانية عبر موقع الدائرة http://www.dflp.org / ).

وبعد أن استعرضت مواقف عدد من الدول الأوروبية، قالت الرسالة: رغم المواقف الإيجابية لعدد من الدول، إلا أن بعض الدول الغربية، إما أنها ما زالت على موقفها المؤيد لاستمرار الحرب، حتى وإن كانت تنتهك القانون الدولي والشراكات مع دول الاتحاد الأوروبي. وإما أنها عاجزة ومكبلة نتيجة ضغوط أمريكية وإسرائيلية تمارس عليها، علما أنها في قضايا أخرى من العالم، كانت جريئة في الاختلاف والتباين مع الإدارة الأمريكية (الموقف من أوكرانيا).

المؤكد انه لم يحدث أن كياناً دولياً تحدى العالم بمنظوماته السياسية والقضائية والقانونية والإنسانية كما فعلت إسرائيل في حربها على قطاع غزة، التي تزداد ضراوة شهراً بعد شهر، حاصدة الآلاف من الشهداء، ناهيك عن استخدام التجويع والتعطيش كسلاح آخر في الحرب، بحيث من ينجو من حمم الطائرات والقصف البحري والبري، يموت جوعاً أو يقف متفرجاً ليشاهد أطفاله وعائلته وهم يموتون بشكل جماعي.

كان يمكن لأوروبا أن تكون أكثر توازناً تجاه العدوان الإسرائيلي، رغم أن زعمها الدفاع عن الديمقراطية والقانون الدولي يحتم عليها أن تكون داعمة للشعب الفلسطيني ولحقه في التحرر وفي رسم مستقبله بعيداً عن الاحتلال والاستعمار والتبعية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت أوروبا وما زالت قادرة على فعل التالي:

أولاً) وقف تصدير السلاح لإسرائيل. إذ أن معطيات مؤسسات أوروبية تقول أن مؤسسات مالية في أوروبا قدمت ما يزيد عن 45 مليار يورو على شكل قروض واكتتابات، منها 26 مليار يورو على شكل أسهم وسندات في شركات تبيع الأسلحة لإسرائيل التي تستخدمها في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ثانياً) وقف أو تعليق العمل باتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وقد دعت بعض الدول صراحة (هولندا وفرنسا)، إلى مراجعة شاملة للاتفاق، الذي يعد الإطار القانوني والتجاري للعلاقات بين الجانبين.

ثالثاً) رغم أن أمر التعاطي مع المؤسسات والمحاكم الدولية هو قضية سيادية تتعلق بكل دولة، إلا أن الاتحاد الأوروبي (كإطار) قادر على توحيد موقفه بشأن التعاطي مع مذكرات الاعتقال التي أصدرها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، وأن يدعو، بالحد الأدنى، بعض الدول إلى عدم استقبال مسؤولين إسرائيليين معنيين بهذه المذكرات ومنع طائراتهم من المرور في أجوائها.

رابعاً) اتخاذ موقف جدي ضد المستوطنين وقادتهم في الضفة الغربية، نتيجة الممارسات الإجرامية التي ترتكب ضد المدنيين الفلسطينيين. إذ رغم وجود آلاف الحالات الموثقة لدى دول الاتحاد حول هوية المنظمات الاستيطانية التي قامت وتقوم بأفعال جرمية وتتهيأ لارتكاب أخرى.

خامساً) توفير الحماية لوكالة الغوث والدفاع عنها في مواجهة محاولات استهدافها من قبل الثنائي الإسرائيلي الأمريكي. خاصة وأنها منظمة أممية تعمل بتفويض مباشر من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن العدوان عليها يجب أن يكون عدواناً على الأمم المتحدة والمنظومة الدولية بكافة مؤسساتها.

إن أوروبا مدعوة للاستيقاظ من نومها. فلا تكفي المواقف التي تذرف الدموع على أطفال غزة الذين تقطعوا أشلاء بفعل صواريخ الحقد الإسرائيلية، وليس فقط دعوات لفتح المعابر من أجل إدخال بضع شاحنات من الوقود والمساعدات الغذائية التي تجعل أبناء غزة يموتون بشكل بطيء. بل المطلوب موقفاً تاريخياً ينسجم مع القيم التي تدافع عنها أوروبا، قيم القانون الدولي والعدالة والحرية وحقوق الإنسان، وكلها سقطت تحت ركام المنازل المدمرة في قطاع غزة.

لا يمحو عار أوروبا في تعاطيها السلبي مع القضية الفلسطينية بشكل عام ومع جرائم الحرب في قطاع غزة بشكل خاص، دعوة هنا وموقف إنساني هناك. فما يحتاجه الشعب الفلسطيني معالجات وحلول لكل ما يعاني منه أبناء قطاع غزة.. وإذا كانت أوروبا ديمقراطية مؤمنة بحقوق الإنسان وبأن وظيفة القانون الدولي حماية الشعوب، فوجب عليها أن تكون أكثر جرأة في الدفاع عن قيمها.

إننا في "دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، ومع إدراكنا بأن خلفيات أيديلوجية ومصالح اقتصادية استعمارية وتاريخية، وبعضها يميني وفاشي متطرف، هي التي تتحكم بسياسات الكثير من الأحزاب والأطر الحاكمة في الدول الأوروبية، فإن الرهان يبقى دائماً على القوى الشعبية التي نتطلع دائماً إلى مواصلة تحركاتها وتنويع أشكال رفضها لأداء حكوماتها في تعاطيها مع إسرائيل وما ترتكبه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني.

رغم ذلك، وبغض النظر عن سياسات بعض الدول الأوروبية ودعمها للفاشية الإسرائيلية، فإن شعبنا سينظر بإيجابية إلى كل خطوة من شانها أن توقف حرب الإبادة، وكل موقف من شأنه أن يعيد الاعتبار للشهداء والجرحى ولمن تهجروا ودمرت منازلهم.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023