تداعيات الهجوم في الدوحة على المدى القصير والطويل

حضارات

مؤسسة حضارات

يديعوت احرونوت"

د. يوئيل غوجينسكي

ما زالت تداعيات الهجوم الإسرائيلي في الدوحة، على المديين القصير والطويل، محور نقاش واسع، وفق ما كتب د. يوئيل غوجينسكي في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت.

يشير الكاتب إلى أن العملية الإسرائيلية، رغم أنها لم تحقق هدفها المباشر المتمثل في تصفية قادة حماس، أرادت إرسال رسالة إلى الحركة وإلى الدولة المضيفة، قطر، التي تقدّم نفسها كوسيط محايد في نزاعات العالم وكـمركز دبلوماسي وتجاري آمن من أي تهديد، لكنها وجدت نفسها أمام تحديات كبيرة في الحفاظ على هذه الصورة بعد الهجوم.

ويؤكد غوجينسكي أن العملية تعكس المعضلات التي تواجه الولايات المتحدة في الحفاظ على توازن علاقاتها مع حلفائها في المنطقة، وتفتح فصلاً جديداً في جهود التوصل إلى صفقة تبادل وإنهاء الحرب في غزة، من دون أن يكون واضحاً إن كان هذا الفصل سينجح مقارنةً بسابقيه.

كما يوضح أن قطر استغلت الهجوم لتقديم نفسها كضحية، وهو ما أثار موجة تضامن عربية واسعة، حتى من دول لا تبدي تعاطفاً معها أو مع حماس. ويشير إلى أن الهجوم صعّب على قطر الاستمرار في تسويق نفسها كملاذ آمن للفاعلين الإقليميين والدوليين.

ويضيف الكاتب أن الموقف يضع واشنطن أمام تحدٍّ كبير، فـقطر تُعد شريكاً استراتيجياً رئيسياً لدعم المصالح الأميركية في مناطق متعددة، بما في ذلك إيران وأفغانستان وفنزويلا، كما أنها تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أميركية خارج الولايات المتحدة. في المقابل، تُعتبر إسرائيل أيضاً شريكاً مقرباً لواشنطن، وقد جسّد الهجوم إرادتها في تغيير قواعد اللعبة وعدم منح حماس أي حصانة دبلوماسية.

ويرى غوجينسكي أن إسرائيل تسعى من خلال العملية إلى تأكيد سياستها الهجومية ضد حماس خارج حدود غزة، غير أن هذه الرسالة تحمل تبعات على علاقاتها مع دول الخليج، التي قد تنظر إليها كإشارة مثيرة للقلق بشأن الطموح الإسرائيلي للهيمنة الإقليمية. كما يشير إلى أن قطر قد تضغط على جيرانها لإعادة النظر في علاقاتهم مع إسرائيل، فيما قد تغلق السعودية وبعض الدول الأخرى الباب أمام أي مسار تطبيع مستقبلي.

ويخلص الكاتب إلى أن الهجوم الإسرائيلي في الدوحة يعكس خيار إسرائيل بإدارة المخاطر؛ فقد تحقق ردعاً فورياً، لكنها في المقابل تخاطر بفتح أزمة طويلة الأمد، لا سيما في ما يتعلق بمفاوضات إطلاق سراح المختطفين التي تأثرت بشكل مباشر، وإن كان من المرجّح أن تُستأنف لاحقاً بمشاركة جميع الأطراف، بما فيها قطر وحماس.

ويؤكد غوجينسكي أن إسرائيل، بعد هذه الخطوة، أنهت مرحلة من علاقاتها مع قطر، الدولة المعقدة التي تجمعها بها توترات تاريخية ومصالح مشتركة، لافتاً إلى أن العلاقة الثنائية ستستمر في إطار جديد يرتكز على أهداف الحرب وتحرير الرهائن.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025