أليست صورة القسامي إلى جانب الجندي الأسير وهو يتصل بعائلته، ملخّصًا جيدًا لهذا السؤال؟
صحيفة هآرتس
ترجمة حضارات
بقلم: يوسي فَرْتِر
"في حضور الرئيس ترامب، اليوم سيفتتح صراع جديد: على السردية"
وفقًا لجميع التقديرات، عندما يُوزَّع هذا العدد من الصحيفة صباح اليوم (الاثنين) إلى منازل المشتركين، سيكون عشرون من الأسرى الإسرائيليين الأحياء في طريقهم إلى (إسرائيل) بعد 737 يومًا من الأسر القاسي في قبضة حماس. كابوسهم الشخصي وكابوس عائلاتهم سينتهي، وكذلك الكابوس الوطني. ملايين المواطنين – أغلبية واضحة من الجمهور الذين دعموا إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، ومن بينهم نحو نصف مؤيدي الائتلاف الحاكم – سيتمكنون أخيرًا من التنفس.
لم تكن الفرص لإنهاء هذه المأساة نادرة خلال العام الماضي، لكنها أُفشلت جميعها، بالأساس على يد بنيامين نتنياهو. جمهوره المرجعي كان أعضاء أحزاب اليمين الكهاني–الفاشي، الذين صرّح كثير منهم علنًا بأن حياة الأسرى ليست أهم من استمرار الحرب. تهديدات تفكيك الحكومة كانت مجرد مسرحية مكرّرة. واليوم يتّضح أن كل ذلك كان كلامًا فارغًا. حتى وسائل الإعلام انخدعت.
الآن، حماس ما زالت قائمة على قدميها؛ وممثلو السلطة الفلسطينية يستعدون للمشاركة في إدارة غزة؛ والحديث عن دولة فلسطينية عاد إلى الطاولة؛ لا يوجد ضمّ في الضفة؛ ولا "غوش قطيف ب" في غزة؛ ووزيرا اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ما زالا يجلسان مرتاحين على مقعديهما.
نتنياهو وترامب: تهديد بالإيقاف ودعم مشروط
نتنياهو وترامب في البيت الأبيض الشهر الماضي: ترامب هدّد بوقف الدعم إذا رفضت إسرائيل خطته، ولم يبقَ أمام نتنياهو خيار آخر.
السؤال عمّا إذا كان نتنياهو خشي فعلًا أن تؤدي الصفقة إلى سقوط حكومته، أم أنه تظاهر بذلك واستخدمه ذريعة لعدم التحرّك، ما يزال مفتوحًا. لكن الواضح أنه طوال السنتين الأكثر سوادًا في تاريخ الدولة، لم يُبادر إلى شيء، لم يقدّم خطة، ولم يتوجه إلى الدول العربية أو الإسلامية لإشراكها في "اليوم التالي". كان سلبيًا، بل خبيثًا في سلوكه.
كل ما سمعناه منه كان: "لا، لا، لا". أقصى ما اقترب به من إنهاء الحرب هو جملته المتكررة: "ستنتهي الحرب فقط عندما يعود جميع الأسرى وتلقي حماس سلاحها". واستمرّ الوضع هكذا حتى استوعب دونالد ترامب، بعد الهجوم في الدوحة، أنه عليه التحرّك – ولولا ذلك لكانت إسرائيل ما تزال تنزف دمًا في القطاع، ولظلّ الأسرى يعانون في الأنفاق.
معركة السرد تبدأ في الكنيست
اليوم ستُفتتح "المعركة على السرد" في الكنيست، في الجلسة الاحتفالية بحضور رئيس الولايات المتحدة. هناك، لن يجرؤ أحد على إطلاق صيحات الاستهجان عندما يلقي نتنياهو كلمته. سيربط على صدره أكاليل النصر المزوّرة، وسيروي كيف واجه "الضغوط من الداخل والخارج" بشجاعة. زوجته ستتودد إلى عائلات الأسرى، وربما ستكون هناك شخصيات مثل إيلانا غريتسوبسكي وحاجي أنغريست – اللذان حاولا لفت انتباهها في مقبرة بنيويورك عندما كانت تزور قبر الحاخام ميلوبافيتش، دون أن تمنحهما نظرة واحدة.
كل شيء تقلّص فجأة: المفهوم الأمني الخاطئ، الفشل، المجزرة، تغذية حماس وتقويتها، تجاهل تحذيرات الشاباك والاستخبارات قبل السابع من أكتوبر – كل ذلك تلاشى أمام "الجريمة الكبرى" في ميدان الأسرى مساء السبت 11 أكتوبر.
آلة الدعاية "البيبستية" تتحرك
ندخل عام انتخابات، وشيء واحد لا يمكن سلبه من الليكود: قدرته على إطلاق حملات ناجحة. هذا في الواقع ما تجيده هذه "الطائفة" فقط. إدارة الدولة؟ الحفاظ على أمن المواطنين؟ تحرير الأسرى كأولوية قصوى؟ أقل بكثير.
منذ لحظة سماع صيحات الاستهجان العفوية في ميدان الأسرى، بدأت ماكينة أنصار نتنياهو بالعمل بأقصى طاقتها.
فجأة صار كل شيء ثانويًا: الإخفاقات الاستخباراتية، المجازر، الإهمال، إفشال الصفقات، إطالة الحرب عبثًا، والتحريض ضد عائلات الأسرى – كل ذلك صار "تفاصيل صغيرة" مقارنة بـ"العار" المزعوم من الصيحات في الميدان مساء 11 أكتوبر.
ليس فقط أن الحاضرين في الميدان أطلقوا صيحات استهجان ضد نتنياهو، بل صفقوا أيضًا عندما ذُكر اسم رجب طيب أردوغان مع باقي قادة الدول الوسيطة. اليمين جنّ من الغضب. لكنها الحقيقة: من تخلّى عن المواطنين في السابع من أكتوبر واستمرّ في التخلي عنهم لاحقًا، يستحق كل صيحات الاستهجان في العالم. أما من شاركوا في الاتصالات التي أنهت هذا التخلي والحرب العبثية التي جلبت الكارثة على شعبين – فهم يستحقون الشكر.
ترامب فرض، ونتنياهو خضع
ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، وقف إلى جانب نتنياهو في الميدان قبل يومين. ومع ظلّ ترامب المهيمن فوقهما، لم يكن أمام نتنياهو خيار آخر.
عندما كان نتنياهو وحده في "الخنادق" مع رون ديرمر، عمل بإصرار على إفشال أي فرصة لتقدّم المفاوضات. أما عندما كان ويتكوف بجانبه وتحت ضغط ترامب، فقد اضطر إلى الانصياع.
لو كانت الخطة نفسها قد عُرضت من قبل كير ستارمر أو إيمانويل ماكرون، لفتح نتنياهو أبواب الجحيم عليهم: "هذه جائزة لحماس"، كان سيزمجر. وزير الشتات عمِيخاي شيكلي كان سيسخر منهم ويدعوهم "فلسطينيين"، ووزير الخارجية جدعون ساعر كان سيتهكم على تراجعهم في استطلاعات الرأي.
لكن عندما يفرض ترامب الخطة، يقف الجميع في وضع الانتباه ويبدأون بترديد أناشيد الشكر. حتى المعلّقون الذين قبل لحظة فقط وصفوا وقف الحرب بأنه "استسلام مخزٍ"، والحديث عن دولة فلسطينية بأنه "انتحار قومي"، صاروا اليوم يمجّدون الخطة ويطالبون بنَسْب الفضل لرئيس الوزراء.