الحلم الإسرائيلي بالقضاء على حماس،،،

قناة ١٢

مناحيم هوروفيتس
ما الذي نفعله هناك؟ الآن نعرف الحقيقة عن الصفقة في غزة

بعد شهر من توقيع الاتفاق مع حماس لوقف الحرب وصفقة الأسرى، يبدو أننا أصبحنا نفهم إلى أين تتجه الأمور. الوضع يشبه ما كان في لبنان: الجيش الإسرائيلي يتمركز جزئياً داخل غزة، يحافظ غالباً على وقف إطلاق النار، ويتدخل أحياناً بعمليات محدودة.

الفرحة القصيرة بعودة الأسرى، وزيارة ترامب للكنيست، وحديث رئيس الوزراء عن قمة في شرم الشيخ وزيارة رئيس إندونيسيا لإسرائيل – كلها لم تتحقق. اتضح أننا لسنا على طريق "شرق أوسط جديد"، والسلام الإقليمي ليس قريباً.

القاعدة العسكرية التي أُقيمت في كريات جات وتضم جنوداً أميركيين، ستستقبل قريباً أيضاً قوات متعددة الجنسيات متجهة إلى غزة. بعد ترامب وصل نائبه ووزير خارجيته، وحتى رئيس الأركان الأميركي جاء لمتابعة المشروع الذي يمثل محور السياسة الخارجية الأميركية الجديدة. ترامب يرى أن عليه أن ينجح، وإسرائيل أصبحت النموذج التجريبي. قد يبدو الأمر غريباً أو غير مريح، لكن تذكيراً بأن ترامب ساعد في الهجوم على إيران، وساهم في عودة عشرين أسيراً، ويزوّد إسرائيل بالأسلحة الضرورية – يجعل هذا الثمن مقبولاً.

النتيجة: التدخل الأميركي العميق، غير المسبوق تقريباً، يمنع إسرائيل من شن هجوم واسع على حماس. لتفعل ذلك، عليها إما إقناع واشنطن أو خرق الاتفاق، وكلا الخيارين غير واقعيين. حماس من جهتها لا تلتزم بالاتفاقات، وتتنصل من أي هجمات ضد الجيش الإسرائيلي، لكن من الواضح أن ما تم الاتفاق عليه ليس سوى حبر على ورق. الحركة لا تزال تحكم غزة، ولن تتنازل عنها حتى بعد انتهاء مرحلة إعادة جثامين القتلى.

أما تهديدات ترامب بتدمير حماس فهي أقرب إلى الكلام الفارغ، لأنه يتجنب إرسال قوات أميركية إلى مناطق النزاع. في النهاية، هذا نفس ترامب الذي أدار مبعوثوه مفاوضات مباشرة مع قادة حماس في غزة.

بعد عامين من الحرب، حماس ما زالت قائمة رغم الدمار الهائل، والخسائر الفادحة، ومقتل معظم قادتها. من منظور واقعي، هذا إنجاز غير مسبوق للحركة، يشبه ما حدث لحزب الله أو إيران بعد الضربات التي تلقوها.

رغم تأكيدات الحكومة بأن حماس على وشك الانهيار، نكتشف اليوم أن الواقع مختلف. صور الجوع في غزة اختفت بعد الاتفاق، والآن تُرى مشاهد حياة طبيعية نسبيًا. ومع بقاء حماس مسلحة ونشطة، يعود السؤال إلى إسرائيل: ماذا بعد؟

نحن الآن أمام وضع يذكّر بلبنان في الثمانينيات والتسعينيات: وجود عسكري إسرائيلي ساكن، وجنود في مواقع ثابتة، واحتمال حرب استنزاف طويلة. قد تكون قد بدأت بالفعل.

بعد عامين من القوة القصوى والدعم الأميركي الكبير، يبدو أن حلم إعادة الاستيطان في غزة أو تهجير سكانها لم يتحقق، وربما لن يتحقق أبداً.

من التجربة التاريخية، الجيش الإسرائيلي – رغم قوته وشجاعته – لم ينجح قط في القضاء التام على أي تنظيم مسلح، لا في الضفة ولا في لبنان ولا في أي مكان آخر. إذن يجب النظر بواقعية وسؤال النفس: لماذا نبقى في غزة؟ ما جدوى الوجود هناك إذا كان سيكلف قتلى وجرحى؟

في النهاية، ستنسحب إسرائيل من غزة، وما يجب ضمانه فقط هو بقاء قوات كافية على عمق كيلومتر داخل الحدود لمنع تكرار كارثة 7 أكتوبر. وكما في لبنان، الردع الحقيقي وحده يمكن أن يجلب الهدوء.

الاتفاق الحالي يبدو جيداً على الورق، لكنه يناسب غرف الاجتماعات في واشنطن أكثر من واقع الشرق الأوسط. المطلوب خطة جديدة، واقعية يمكن الوثوق بها، حتى لو لم تكن مثالية. علينا أن نعرف أننا تعلمنا الدرس.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025