قناة 12
*أجواء ارهاب في جامعة أوكسفورد كشفت حقيقة مؤلمة**
رأي – البروفيسور إيتان شامير
وصلتُ إلى جامعة أوكسفورد بعد أيام قليلة فقط من اتخاذ اتحاد المناظرات الشهير فيها قرارًا غريبًا ومخجلاً، يقضي بأن إسرائيل "دولة أخطر من إيران". ليست هذه هي المرة الأولى التي يتخذ فيها الاتحاد، الذي ترأسه في الماضي شخصيات عالمية مرموقة، قرارات تبدو لاحقًا كدليل على سوء تقديره. في عام 1933، قرر أعضاؤه أنهم "لن يقاتلوا تحت أي ظرف من أجل الملك والدولة"، وهو قرار لقي صدى إيجابيًا في برلين النازية. وفي عام 1955 أعلنوا أن الاتحاد السوفييتي "قوة محبة للسلام". يبدو أن قدرتهم على الوقوف في الجانب الخاطئ من التاريخ ليست ظاهرة جديدة. حتى مشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، الذي وجّه انتقادات حادة لحكومة إسرائيل وربما اعتقد أن ذلك سيكسبه تعاطفًا، انتهت بخيبة أمل: فقد قوبل بصيحات الاستهجان ونداءات "إبادة" (Genocide)، التي أوضحت له أن هذا الجمهور لا يهتم إطلاقًا بفروق الرأي داخل إسرائيل – بالنسبة لهم، المشكلة ليست الحكومة بل وجود إسرائيل ذاته.
## في أوكسفورد، المشكلة هي وجود إسرائيل ذاته
لكن هذه المرة لم أواجه مجرد قرار سطحي، بل واقعًا مقلقًا للغاية. الأجواء التي سادت الحرم الجامعي أثناء زيارتي كانت أجواء خوف حقيقي. جئتُ لإلقاء محاضرة لطلبة الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية. نُظم الحدث من قبل إحدى منظمات الطلبة، وهي جهة فكرية جادة وفضولية، لكنهم أخبروني أنهم اختاروا الإعلان عن المحاضرة قبل وقت قصير جدًا من عقدها، خشية رد فعل عدائي.
وقد كان هذا الخوف مبررًا. فبعد ساعات قليلة من الإعلان، بدأت في الشبكات الاجتماعية دعوات لطلبة المجموعات الراديكالية لـ"تفجير" الحدث، أو منع انعقاده، أو على الأقل التشويش عليه. لم يكن الأمر يتعلق فقط بأطراف هامشية، بل باتجاه واسع يبدو أنه يهيمن على الجامعة التي يفترض أن تكون بيتًا للفكر الحر. راح طلبة يبحثون عن تصريحاتي في الإعلام الدولي وينشرونها لتحريض زملائهم على "منع الصهيوني الذي خدم في الجيش الإسرائيلي" من إلقاء المحاضرة.
حتى بعض أعضاء الهيئة التدريسية في قسم العلوم السياسية طالبوا بإلغاء المحاضرة. لحسن الحظ، وجد أيضًا عدد قليل من الأساتذة الشجعان الذين أصروا على التمسك بحق الطلبة في سماع آراء متنوعة، خصوصًا في أوقات العاصفة. لكن هؤلاء كانوا أقلية.
## شعور بعملية سرّية
أُجبر منظمو المحاضرة على نقل الحدث إلى مكان بديل، وبسرية كبيرة، دون نشره للجمهور. لم تُرسل تفاصيل الموقع إلا لمجموعة محددة من المدعوين الذين يعرفهم المنظمون جيدًا، لمنع تسلل متظاهرين. وعندما دخلتُ القاعة، كان فيها شعور بالسرية لا يليق بمؤسسة أكاديمية رفيعة المستوى.
## معاداة السامية في الجامعات تتفشى – وحكومة العمال صامتة
في المحادثات التي أجريتها مع طلبة يهود وإسرائيليين، سمعـتُ صورة وضع صعبة: قالوا إن أجواء الحرم الجامعي عدائية لدرجة أنهم يفضّلون إخفاء أي رمز يدل على صلتهم بإسرائيل، والامتناع عن الحديث بالعبرية، وحتى إخفاء أصولهم الإسرائيلية في أحاديثهم مع أصدقائهم. وبالتأكيد عدم التعبير عن تأييدهم لإسرائيل. هذا واقع يذكّر بالكثير من الأمور، لكنه بالتأكيد لا يذكّر ببيئة أكاديمية منفتحة.
إلى جانب ذلك، برزت بشكل خاص حقيقة أن الطلبة اليهود أو المؤيدين لإسرائيل، وهم القلة القليلة في الحرم، يقفون فعليًا بمفردهم. ليس لهم أي دعم مؤسسي: لا من الجامعة، ولا من القسم، وأحيانًا لا حتى من أساتذة مستعدين للدفاع عنهم علنًا. وبالتأكيد ليس من الحكومة. لا أحد يريد "اتّساخ يديه" بالتعامل مع هذه الظواهر. النتيجة هي شعور تام بالتخلي، حيث تُترك أضعف مجموعة من الطلبة بلا أي حماية.
على خلاف الولايات المتحدة، حيث أدت اليقظة العامة والانتقادات السياسية والإجراءات القانونية وإقالة رؤساء جامعات بعد تصاعد موجة معاداة السامية إلى خلق تغيير معين، فإن بريطانيا تشهد غيابًا كاملًا لأي عملية من هذا النوع. وتحت حكومة العمال الحالية، يبقى الوضع بلا معالجة، ووفقًا للطلبة أنفسهم: "علينا أن نعمل في السر".
## يجب عدم القبول بواقع يخاف فيه اليهود والإسرائيليون من الظهور والتعبير
لا يمكن القبول بواقع يخشى فيه اليهود والإسرائيليون في أعرق جامعات العالم من الكلام، والظهور، وإسماع صوتهم. على حكومة بريطانيا، وإدارات الجامعات، والمجتمع البريطاني كله، أن يستيقظ ويضمن ألا يتحول بيت المعرفة الأكبر في أوروبا إلى مكان يصبح فيه حرية التعبير مجرد مصطلح فارغ، ويُجبر فيه اليهود على العودة إلى العيش في الظل.