المفهوم الكامن وراء اليوم التالي
صحيفة إسرائيل اليوم العبرية


إن تدمير  قدرات حماس العسكرية لن يؤدي إلى القضاء على فكرة "حماس" والتطلع إلى تدمير إسرائيل. 

هناك حاجة إلى عملية طويلة لإزالة النزعة الحماسية وتغيير أنماط التفكير القائمة بين السكان الغزيين من خلال وسائل ناعمة مثل التعليم والثقافة والخدمات الدينية. 

هناك فرصة فريدة لحدوث نقطة تحول تاريخية. 

إن معالجة الموضوع يجب أن تحافظ على المصالح الإسرائيلية: التفوق الأمني، والشرعية من المجتمع الدولي، والحفاظ على علاقات إسرائيل مع دول المنطقة.

ويبدو هذه الأيام أن القتال في غزة يقترب من نهاية مرحلة الكثافة، أو المرحلة الأولى. واستمرارًا لذلك، تُسمع أصوات في السياسة ووسائل الإعلام تقدم أنواعًا مختلفة من الحلول لما يسمى "اليوم التالي". 

ومن يطرح حلولاً لذلك "اليوم التالي" وقع في مفهوم جديد - مفهوم بعد مفهوم: مفهوم أن هذه حرب محددة ستنتهي في فترة زمنية محدودة ويمكن الإعلان بعدها - نحن إنتهينا.

لكن مفهوم "اليوم التالي" ينهار هذه الأيام. 

لن تتحقق أهداف الحرب العسكرية بالكامل في المستقبل المنظور.. إن القتال العسكري سوف يقضي على جزء كبير من قدرات حماس الهجومية، ولكن ليس كلها، وبالتأكيد لن يقضي على وجودها ذاته. 

وهذا يعني أن مصطلح "اليوم التالي" في حد ذاته خطأ في جوهره.. إنه يغرس فينا فكرة أن هذا وضع ثنائي: أثناء الحرب، وبعد الحرب.

لكن هذا غير صحيح، لأن الحرب ليست ضد الحكم العسكري لحماس، بل هي ضد المفهوم المتجذر بعمق في سكان غزة، وهو المفهوم الذي يرى أن إسرائيل عدو، وأن دولة إسرائيل ليس لها الحق في الوجود، ولا الحق في تقرير المصير، وأن الهدف المعلن للشعب الفلسطيني هو نهج "من النهر إلى البحر".

إن الصراع مع هذا النهج ليس عسكريا فقط. 

بطريقة ما، اليوم التالي هو الآن: إذا أردنا تعريف المرحلة الثانية بطريقة بسيطة، فسنسميها "اجتثاث حماس".  أي القضاء على وجود فكرة حركة حماس. 

إحدى الطرق للقيام بذلك هي، على سبيل المثال، من خلال إعادة تثقيف سكان غزة.. وهذه ليست خطوة مكملة للحرب، بل هي سمة إضافية للحرب نفسها، حرب دولة إسرائيل ضد حماس. 

إسرائيل تحارب تحت الأرض، وفوق الأرض، وأيضا في البعد النفسي. 

هذه الخاصية ضرورية للنصر ويمكن أن تعمل بعد انتهاء المرحلة العسكرية أو في نفس الوقت. 

وهي لا تتناقض مع حقيقة أن الجيش الإسرائيلي يحتاج إلى إكمال مهامه العسكرية، أو أن الجيش الإسرائيلي سيستمر في السيطرة على غزة من وجهة نظر أمنية مطلقة طالما كان ذلك ضروريا. 

إنها ببساطة جانب آخر من الحرب.

لقد سبق أن تم إعادة تثقيف السكان الألمان، وسبقه تغيير عميق في الثقافة اليابانية بعد الحرب العالمية الثانية. 

الهدف هنا ليس المقارنة أو الادعاء بأن أسلوب العمل يجب أن يكون هو نفسه، بل الفكرة الأساسية متشابهة: صورة النصر لن تكون استسلام عناصر الجناح العسكري لحماس، لن تكون إعلانًا من قبل الجيش الإسرائيلي عن السيطرة الأمنية على القطاع، بل ستكون بمثابة اعتراف كامل سكان غزة بإسرائيل والإنكار الأعمق لفكرة حماس.

عندها فقط يمكننا حقًا مناقشة اليوم التالي،  عندها فقط يمكننا أن نقول أننا انتصرنا.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2023