يحلل الباحث عمار الزبن المقال الذي نشرته"قناة 14" لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية في سياق متغيرات فلسطينية، إسرائيلية، ودولية متشابكة تُضعف موقع القضية الفلسطينية وتُمهّد لخطوات أحادية الجانب.
أولًا: تحليل مضمون المقال:
المقال يعكس تحولًا واضحًا في الخطاب اليميني الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر 2023، إذ يُقدَّم فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية كـ"رد صهيوني" على مجزرة حماس. يتم تصوير حلّ الدولتين على أنه انتهى تمامًا، ويُقدَّم الفلسطينيون كمصدر تهديد وجودي.
يتم نفي أي إمكانية لتسوية سياسية مستقبلية، والدعوة إلى حل أحادي الجانب بالقوة.
1. المتغيرات الفلسطينية الداخلية
البيئة الداخلية الفلسطينية الحالية تُضعف من قدرة الفلسطينيين على مواجهة مثل هذه المشاريع الإسرائيلية:
أ. الانقسام الفلسطيني:
الانقسام بين فتح وحماس أصبح أكثر حدة بعد 7 أكتوبر.
السلطة الفلسطينية في الضفة تواجه أزمة شرعية متصاعدة، وفقدت الكثير من الدعم الشعبي بسبب التنسيق الأمني مع إسرائيل وعدم وجود أفق سياسي.
حماس في غزة، رغم ما تروّج له كـ"صمود"، تعاني من عزلة دولية، دمار واسع، وانعدام رؤية استراتيجية ما بعد الحرب.
النتيجة: غياب قيادة فلسطينية موحّدة وقوية يُسهل على إسرائيل التقدّم بخطوات أحادية مثل "فرض السيادة"، دون رد فلسطيني موحد أو فاعل.
2. المتغيرات الإسرائيلية الداخلية
المقال يعبّر عن التيار السائد حاليًا في إسرائيل، وهو تيار يميني قومي متشدد:
أ. قوة اليمين المتطرف:
وزراء مثل بن غفير وسموتريتش يدفعون بقوة نحو خطوات أحادية في الضفة.
الحكومة الإسرائيلية تتكوّن من تحالف يميني ديني قومي لا يؤمن بحل الدولتين أصلًا.
الخطاب الصهيوني بعد 7 أكتوبر أصبح أكثر تطرفًا ورفضًا للفلسطينيين، حتى كجمهور مدني.
ب. تصدّع النظام القضائي والسياسي:
المقال ينتقد المحكمة العليا ويصورها كـ"حامية للإرهابيين"، مما يُهيّئ الرأي العام لقبول إجراءات استثنائية ضد الفلسطينيين وضد القانون الدولي لاحقًا.
النتيجة: البيئة السياسية في إسرائيل مهيّأة لفرض خطوات أحادية الجانب، وسط ضعف المعارضة الداخلية.
3. المتغيرات الدولية
البيئة الدولية الحالية تُظهر تراجعًا واضحًا للدعم الفعلي للقضية الفلسطينية، رغم بعض الخطابات الرمزية:
أ. الدعم الغربي لإسرائيل:
الولايات المتحدة وأغلب دول أوروبا تدعم حق إسرائيل في "الدفاع عن النفس"، بل إن بعضها أعاد النظر في دعم الأونروا وعلّق التمويل.
حتى بعد 7 أكتوبر، الضغط الدولي على إسرائيل لوقف الحرب كان خجولًا، مما يعزز ثقة إسرائيل بإمكانية تنفيذ خطوات سيادية أحادية دون عقوبات.
ب. النظام الإقليمي العربي:
تطبيع بعض الدول العربية (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان) مع إسرائيل جعل سقف المطالب منخفضًا.
الانشغال العربي بالأزمات الداخلية (لبنان، سوريا، اليمن، السودان...) أبعد الاهتمام عن القضية الفلسطينية.
ج. التحولات الجيوسياسية:
تراجع مركزية القضية الفلسطينية في النظام الدولي، مع صعود قضايا مثل أوكرانيا والصين.
الانقسام في الموقف الدولي (الولايات المتحدة وأوروبا vs. روسيا والصين) يُضعف فاعلية أي ضغط دبلوماسي على إسرائيل.
النتيجة: المجتمع الدولي لا يشكل عائقًا جادًا أمام فرض إسرائيل لسيادتها على أجزاء من الضفة الغربية.
خلاصة الربط:
المقال يعكس لحظة سياسية إسرائيلية تعتقد أن:
الفلسطينيون منقسمون وضعفاء.
إسرائيل موحّدة يمينيًا ومتماسكة داخليًا.
المجتمع الدولي غير مستعد للتدخل الجاد.
كل ذلك يُنتج بيئة استراتيجية تعتقد فيها الحكومة الإسرائيلية أن الوقت مناسب لفرض وقائع على الأرض مثل ضم مناطق C أو توسيع المستوطنات، دون ثمن سياسي أو أمني كبير.