إسرائيل كانت دائمًا تعتمد على الولايات المتحدة، لكن نتنياهو جعل التبعية مطلقة

 ‏هآرتس


التبعية للإدارة الأمريكية هي أمر آخر يجب أن تحقق فيه لجنة التحقيق الرسمية.

إسرائيل كدولة تابعة

بعد لقائه برئيس الحكومة نتنياهو، سُئل اليوم نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس إن كانت إسرائيل دولة تابعة للولايات المتحدة. فأجاب على سؤال الصحفي من قناة "كان 11" سليمان مساودة قائلاً:

> "نحن لا نريد إسرائيل كدولة تابعة، بل كحليف يأخذ زمام المبادرة في المنطقة ويتصرف وفق المصالح الأمريكية".

لكن يمكن النظر إلى هذا الجواب على أنه تأكيد ضمني على صحة الاتهام.

فالواقع أن إسرائيل تحولت خلال هذه الحرب، خصوصًا في الأشهر الأخيرة، إلى نموذج يشبه دولة الحماية. أصبحت خاضعة لرغبات الرئيس الأمريكي المتغيرة، الذي يفرض عليها المضي نحو اتفاقات سياسية لا ترغب بها، تشمل تنازلات أعلنت إسرائيل مسبقًا أنها لن تقبلها، بل وتضطر للاعتذار أمام دول تدعم منظمات إرهابية تهاجمها.

وكما في أي نظام حماية، تحرص "الدولة الأم" على إرسال ممثلين رفيعي المستوى لضمان أن "ابنتها" تفهم مكانتها. ولهذا نشهد موكبًا لا ينتهي من المسؤولين الأمريكيين في المنطقة: الأسبوع الماضي كان ترامب نفسه، واليوم نائبه، ولاحقًا سيأتي وزير الخارجية ماركو روبيو. هؤلاء ينضمون إلى "المراقبين الدائمين" ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، الذين يبدو أن حتى ثرواتهم لن تكفي لتغطية وتيرة زياراتهم لمطاعم تل أبيب الفاخرة.

الأمريكيون يدركون أنهم بحاجة للبقاء هنا، لأنهم لا يثقون بكلمة نتنياهو فيما يتعلق بإنهاء الحرب نهائيًا، ويعلمون أنه يواجه صعوبة في مقاومة ضغوط ائتلافه — كما يدل إقرار قانون ضم أجزاء من الضفة الغربية أثناء زيارة فانس.
وربما يخشون أيضًا أن ينسى الإسرائيليون بأن إنهاء الحرب مفيد لهم حتى في غياب أي رهائن أحياء في غزة، وأن إسرائيل بحاجة لإنهاء الحرب لأسباب أخرى، لأنها يجب أن تتوقف عن القتل والموت هناك.

العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة كانت دائمًا علاقة قائمة على التبعية. ومن المشكوك أن تصل إسرائيل في حياتنا إلى وضع تستطيع فيه العمل ضد الموقف الأمريكي لفترة طويلة، وتحمل التبعات الأمنية والسياسية والاقتصادية لذلك — خاصة طالما أن في البيت الأبيض رئيسًا يصعب عليه أحيانًا كبح غضبه من تصرفات الآخرين.

لكن نتنياهو عمّق هذه التبعية إلى مستويات مطلقة. إن تآكل استقلال إسرائيل، الناجم عن عجزها عن إنهاء الحرب بإرادتها وفي وقتها، هو إحدى النتائج المقلقة للحرب، والتي ينبغي للجنة التحقيق الرسمية أن تفحصها.

ومع ذلك، وحتى تشكيل اللجنة وتبديل الحكومة، يبدو أحيانًا أن هناك فائدة في "حماية" تتحرك باسم المصلحة الأمريكية، خصوصًا حين تكون البديل حكومة تعمل ضد المصلحة الإسرائيلية نفسها.

مبادرة هرتسوغ

تجددت المخاوف من أن الرئيس إسحق هرتسوغ يتحول إلى أداة بيد "منظمة الجريمة" التي يقودها نتنياهو، قبل وقت طويل من دعوة ترامب له لمنح نتنياهو عفوًا.
بل إن هذه المخاوف ظهرت منذ حملته لانتخابات الرئاسة، حين حظي بدعم نتنياهو رغم كونه من رموز الوسط-اليسار. لم ينفِ هرتسوغ في حينه إمكانية منحه العفو، بل فقط أن الأمر قد تم الاتفاق عليه. ولم يسعَ لاحقًا إلى إغلاق هذا الباب تمامًا.

حتى بعد تدخل ترامب الفج في الشأن الداخلي الإسرائيلي بطلب من نتنياهو، لم يسارع هرتسوغ لتوضيح موقفه.

أمس، كشف الصحفيان ينيف كوفوفيتش وبار فلِغ أن الرئيس تحدث مع عائلات رهائن حول إمكانية منح نتنياهو عفوًا، قبل الصفقة التي أعادت أحبّاءهم. بل وطلب من بعضهم تشجيع الجمهور على دعم فكرة العفو، ما فهموه كوسيلة لزيادة فرص استعادة ذويهم.
يبدو أن هذه اللحظة أثبتت أن هرتسوغ ليس مجرد أداة ضعيفة بيد نتنياهو، بل جندي نشط ومدرك في منظمة الإفساد التي تدمر إسرائيل في السنوات الأخيرة.

صحيح أن معسكر المعارضين لانهيار الدولة شعر ببعض الارتياح بعد أن هاجم هرتسوغ رئيس الكنيست أمير أوحانا لرفضه دعوة رئيس المحكمة العليا إلى جلسة شارك فيها ترامب. ولكن هذا شجب رمزي فقط.
ولأن للرئيس بعض الصلاحيات الفعلية، ولو محدودة، فسيُقاس دوره في هذه المرحلة الحرجة بمدى استخدامه الفعلي لها.

لا حاجة للقول — بل هناك حاجة — إنه لا يوجد أي مبرر لعفو عن بنيامين نتنياهو، لا وهو ما زال قيد المحاكمة، ولا بعد كل ما فعله لتقويضها، وتخويف المدعين والقضاة، وتسخير سلطته السياسية لتحسين وضعه القضائي.

لكن لِنفترض أن الرئيس يرى "منطقًا وطنيًا" في وقف المحاكمة، ويعتقد أن استمرارها يضر بالمصلحة العامة، بعد أن رأى كيف أخذ نتنياهو إسرائيل رهينة لمشروع انقلابه القضائي الذي ساهم في الكارثة غير المسبوقة في 7 أكتوبر.
ولنفترض أنه يظن بسذاجة أن نتنياهو سيوافق على التنحي مقابل العفو.

في كل الحالات — سواء كان هرتسوغ ضد العفو أم لا — عليه أن يعلن موقفه علنًا وبصوت واضح.

ما هي الصيغة التي يحاول تمريرها؟
هل سيطالب نتنياهو بالاعتزال السياسي مقابل العفو؟
هل سيشترط إنشاء لجنة تحقيق رسمية حول فشل 7 أكتوبر والحرب التالية له؟
هل هناك أي شروط يعتبر فيها العفو ممكنًا؟

الإسرائيليون يستحقون أن يعرفوا الإجابات — لا عبر همسات عائلات رهائن يائسة، بل من فم الرئيس نفسه

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025