الإذن الأمريكي لإسرائيل قبل أي هجوم،،

 صحيفة هآرتس

 الولايات المتحدة أوضحت لإسرائيل أنها تتوقع إبلاغها مسبقًا قبل أي عملية استثنائية في غزة
عموس هرئيل

الولايات المتحدة تتوقع من إسرائيل أن تُعلمها مسبقًا قبل أي هجوم عسكري استثنائي في قطاع غزة، بما في ذلك الغارات الجوية. ووفقًا لمصادر أمنية إسرائيلية، فإن الأميركيين لا يقدّمون ذلك بعد كـ"شرط رسمي" للحصول على ضوء أخضر قبل كل عملية هجومية للجيش الإسرائيلي، لكنهم يوضّحون بشكل قاطع أنهم لن يتسامحوا مع أي مفاجآت إسرائيلية جديدة يمكن أن تُعرّض اتفاق وقف إطلاق النار للخطر.

نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس كان أمس واليوم أبرز مسؤول في سلسلة من الزوار الأميركيين الذين وصلوا إلى إسرائيل لتنفيذ ما يُطلق عليه الآن في الإعلام "بيبي-سيتينغ" — أي مراقبة لصيقة للقيادة الإسرائيلية لضمان عدم إشعال الحرب مجددًا في القطاع. إلى جانب فانس، زار البلاد هذا الأسبوع وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب، ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس جاريد كوشنر. كما دشّن الأميركيون هذا الأسبوع مقرًا عسكريًا في كريات غات لتنسيق العمليات العسكرية في القطاع، يضم نحو 200 ضابط وجندي، وهو حجم مشابه للقوة التي نشروها في إسرائيل قبل نحو عام ونصف عندما أطلقوا مشروع الرصيف البحري الفاشل لإنزال المساعدات الإنسانية جنوب مدينة غزة.

في الاجتماع الأمني مع فانس، شارك الوزيران الإسرائيليان يسرائيل كاتس ورون ديرمر، إضافة إلى كبار ضباط الجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي، بينهم رئيس الأركان الإسرائيلي أيال زامير وقائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الأدميرال براد كوبر. الاجتماع عُقد بشكل غير معتاد في غرفة رئيس الأركان، حيث عرض قادة الجيش على فانس التقييم الأمني الشامل متعدد الجبهات.

في اللقاءات الأخيرة، شدّد الإسرائيليون على ضرورة نزع سلاح حماس قبل بدء إعادة إعمار القطاع، وعلى أهمية تحديد صلاحيات وتركيبة القوة الدولية التي يُفترض أن تدخل غزة، وعلى مطلب إسرائيل باستعادة جثامين 13 من الأسرى القتلى الذين لا يزالون في القطاع، ومن بينهم الضابط هدار غولدين الذي تحتجزه حماس منذ 11 عامًا.

رغم الهدنة، ما تزال تقع اشتباكات متفرقة، خصوصًا عندما يطلق الجنود النار على فلسطينيين يحاولون عبور "الخط الأصفر" شرقًا. لكن أي تحرك يتجاوز إطلاق النار المحلي بات يتطلب نقاشًا مسبقًا مع الأميركيين وفقًا لمطالبهم. وتُشير المصادر الأمنية إلى أن المراقبة الأميركية قريبة جدًا، وأن نتيجتها العملية هي سحب صلاحيات من إسرائيل في مجالي الأمن والسياسة الخارجية.

حكومة ترامب غيّرت موقفها من حكومة نتنياهو وبدأت تمارس ضغطًا لتثبيت وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لقادة من حماس في قطر في 9 سبتمبر. ويخشى البيت الأبيض أن أي حادثة ميدانية جديدة، مثل الاشتباك الأخير قرب رفح الذي قُتل فيه ضابط وجندي من لواء "ناحال"، قد تفجّر الاتفاق وتعيد الحرب.

المبعوثون الأميركيون أكّدوا لنظرائهم الإسرائيليين أنهم لن يتخلوا عن قضية عائلات القتلى وسيواصلون الضغط على حماس لتنفيذ التزاماتها بإعادة الجثامين. كما شدّدوا على ضرورة المضي في تنفيذ الاتفاق، بما في ذلك انسحابات إسرائيلية إضافية، ونشر القوة الدولية، وتشكيل حكومة خبراء في غزة، وإنشاء "منطقة خضراء" قرب رفح تُدار فيها مشاريع إعادة الإعمار بتمويل عربي سخي في منطقة لا تخضع لسيطرة إسرائيل ولا حماس.

في الواقع، يُظهر الموقف الأميركي الجديد أن واشنطن تضع يدها فعليًا على صلاحيات القرار الأمني في المنطقة، بينما يواصل نتنياهو إنكار هذا الواقع لأنه يناقض روايته السياسية عن "الانتصار في الحرب" أمام مؤيديه.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025