إقالة هنغبي تُكمل المسار: هكذا بقي نتنياهو وحيداً في القمة

القناة 12

تحليل سياسي –

دانا فايس

منذ اللحظة التي وقف فيها تساحي هنغبي إلى جانب قادة الأجهزة الأمنية وأبدى رأياً مستقلاً مخالفاً لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو – كما كُشف في برنامج "استوديو الجمعة" في آب الماضي – كان واضحاً أن طريقه إلى الخارج قد رُسمت.
إقالته هي جزء من نمط منهجي لدى نتنياهو، يتمثل في إبعاد كل من يختلف معه واستبدالهم بتعيينات هدفها أن تكون "نعم سيدي" فقط.
الآن، نتنياهو هو الوحيد الذي يتخذ القرارات دون أي شخصية بارزة توازن أو تعارض رأيه.

في محيط رئيس الحكومة ربما حاولوا الإيحاء لهنغبي بأنه من الأفضل أن يستقيل. ترددت شائعات بأنه يفكر في ترك المنصب، ربما لأسباب شخصية، لكنه كان يؤكد دوماً: "سأبقى في المنصب، لا مشكلة لدي في العمل مع نتنياهو رغم الخلافات."
لكن اتضح أن الأمور ليست كذلك، وأمس أقاله نتنياهو فعلياً من رئاسة مجلس الأمن القومي.

في الوقت نفسه، كان هنغبي مُبعَداً فعلياً عن الأحداث الأخيرة: لم يشارك في الزيارة الأخيرة إلى واشنطن (بذريعة أسباب شخصية)، ولم يكن حاضراً في مفاوضات شرم الشيخ المكثفة حول الاتفاق، ومع ذلك بقي يمارس مهامه حتى الأمس فقط، حين جلس في اجتماع مع رئيس المخابرات المصرية، وبعدها مباشرة وجد نفسه خارج المنصب.
بهذه الطريقة، نجح نتنياهو في تضليل هنغبي وإبعاده بهدوء.

الخطوة الأخيرة تنضم إلى سلسلة من التغييرات التي أجراها نتنياهو في العامين الأخيرين، وأطاحت بكل مسؤول أمني خالفه في الرأي:

استبدل وزير الدفاع يوآف غالانت بـ يسرائيل كاتس.

استبدل رئيس الأركان هرتسي هليفي بـ إيال زامير، الذي يُعتبر أكثر طاعة لسياسات الحكومة.


عُيِّن دافيد زيني على رأس جهاز الشاباك خلفاً لـ رونين بار، في تعيين مثير للجدل وصف بأنه شخصي ومُسيّس.

من المرجّح أن طبيعة هذه الإقالة ستتضح أكثر بعد تعيين خليفة هنغبي، لكن في الواقع، نتنياهو أغلق كل إمكانية لعملية اتخاذ قرار منظّمة في القضايا الأمنية والسياسية والاستراتيجية، بحيث لا يبقى مجال لأي رأي مختلف.
حتى رئيس الأركان يُطلب منه فقط تنفيذ أوامر المستوى السياسي، ويتعرّض للهجوم المتكرر بسبب تمسكه بمواقفه المهنية – الهجوم على الدوحة مثال واضح.
الخلاصة: في كل ما يتعلق بالأمن، نتنياهو يُبعد كل من يستطيع الحدّ من نفوذه أو معارضته.

خلال عامين فقط، أصبح نتنياهو آخر من تبقّى في موقعه منذ أحداث 7 أكتوبر، وهو اليوم يتخذ قراراته بمفرده تماماً، من دون أي جهة قادرة فعلاً على معارضته أو موازنته.

السؤال الآن:
ما الرسالة التي تصل إلى باقي المسؤولين، خاصة أولئك الذين يُفترض أن يكونوا حُرّاس النظام الديمقراطي؟
هل يمكنهم البقاء أوفياء لمهنيّتهم وآرائهم المستقلة، أم أنهم يفهمون أن من لا يكون موالياً لنتنياهو سيجد طريقه خارج المنصب؟

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025