الليكود أصبح فعليا حزبا حريديا يعمل لخدمة أجندات طائفية،

هآرتس 

أوري مسچاڤ

*الليكود هو حزب ديني حريدي يخدم أجندات مسيانية (مسيحية)، تتهرب من التجنيد ومعادية للصهيونية.* 

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في زياراته لحائط البراق، في الصيف، وعلى رأسه القبعة (كيباة) وعلى كتفه شال الصلاة (تليت)، ليس استثناء. وزراء الحكومة يكثرون من زيارة فروع حركة "حباد" (أكبر حركة دينية يهودية في العالم، ومقرها في بروكلين في نيويورك), ومع مرور الوقت يتحول الليكود تدريجيا من حزب قومي وشعبي إلى حزب حريدي.

نتنياهو لا يملك ائتلافا ولا كتلة مانعة بدون الحريديم، وهكذا فإن الليكود أصبح فعليا حزبا حريديا يعمل لخدمة أجندات طائفية، مسيانية، تهرّبية ومعادية للصهيونية.

مباشرة بعد اتفاق وقف إطلاق النار الهش في غزة، و خلال دراما عودة الأسرى الأحياء، سارع وزير الجيش، يسرائيل كاتس، إلى "استشارة و مباركة" في أشدود. المرجعية الأمنية: الحاخام يوشياهو بينتو – أسير محرر. استقبله بينتو مرتديا جبة وعمامة، تماما كما استقبل هذا العام في مقره الدائم في مانهاتن رئيس الوزراء نتنياهو. أما وزير الأمن الغذائي، آفي ديختر، فقد زار مؤخرا مولدوفا، حيث قيل إنه يعمل على "اتفاقية قمح"، لكن الصور أظهرت أنه كان بصحبة حاخامات ذوي لحى كثيفة.

وزير الاقتصاد نير بركات قطع رحلته الأخيرة إلى اليابان وأمريكا لينشر صورة له على وسائل التواصل مرتديا القبعة ويحمل الأربع نباتات الخاصة بعيد العُرش اليهودي.
وزيرة المواصلات ميري ريغيف أعلنت هذا الأسبوع أنها ستعزز خطوط المواصلات العامة لنقل الحريديم إلى "مظاهرة المليون" المقررة ضد التجنيد في الجيش الإسرائيلي؛ لكنها رفضت القيام بذلك خلال المظاهرات الكبرى ضد الانقلاب القضائي أو للمطالبة بعودة الأسرى ("نحن لسنا شركة نقل"). وحتى في يوم السبت 7 أكتوبر، لم تر هي ولا حكومتها ضرورة لتشغيل المواصلات العامة لنقل الجنود إلى جبهات القتال — فحفظ السبت (عطلة شرعية) جاء قبل إنقاذ الأرواح.

الليكود أصبح فعليا حزبا حريديا. الدافع ليس موجة تدين مفاجئة، بل مصالح — شخصية ووجودية. فقط المصالح من تتحدث هنا.
حدثت السيطرة الحريدية على الحزب من خلال كماشة ذات ذراعين:
🔹 الذراع الأولى: الانتخابات التمهيدية (البرايمريز). حملات تسجيل جماعية ضخمة أضافت للحزب آلاف الحريديم المطيعين الخاضعين لأوامر حاخاماتهم و قياداتهم الدينية. لذلك ترى الوزراء وأعضاء الكنيست يلهثون من عرس إلى آخر ومن حفلة بلوغ "بار متسفا" إلى "ختان" حريدي. لا تحسدوهم — فالحريديم لديهم الكثير من الأطفال والأحفاد، وهذه مهمة شاقة.

🔹 الذراع الثانية: التحالفات الائتلافية:
في الماضي استمد الحريديم قوتهم من كونهم "بيضة القبان"، ينضمون لأي طرف يدفع أكثر. لكن هذا التاريخ انتهى. الحريديم أصبحوا عبيدا لتحالف "البيبيّزم" و"الكهانيّزم"، لكنه عبودية متبادلة — فنتنياهو لا يستطيع تشكيل ائتلاف أو حتى كتلة مانعة بدونهم.

النتيجة بعيدة المدى: الليكود، الذي نشأ من حركة "حيروت" ثم من "جاحل" (تحالف حيروت والليبراليين) واعتُبر دوما حزبا قوميّا وشعبيّا، هو اليوم فعليا حزب حريدي يخدم أجندات طائفية، مسيانية، تهرّبية ومعادية للصهيونية، ويمطرها بميزانيات ضخمة.

بعض هذه الروابط تُنسج في مناطق رمادية تمتزج فيها الدين مع عالم الجريمة (المافيات) — مثل الحاخام بينتو وغيره، وكذلك رئيس فرع هرتسليا في الحزب، رافي كدوشيم، وهو سجين سابق وتائب يُعتبر من أقوى الشخصيات في الليكود اليوم.

مركز نفوذ قوي آخر هو حركة "حباد"، في إسرائيل والخارج. لا يمكن اليوم النجاح في الانتخابات التمهيدية لليكود بدون دعم حباد. ولهذا ترى العائلة الحاكمة — نتنياهو وزوجته وابنه ومرافقيهم — يتقاطرون إلى قبر الحاخام ميلوبافيتش في كوينز (نيويورك).
تنظم هذه الزيارات حغيت ليفاييف (ابنة الأوليغارشي المعروف).

وهذا أيضا يفسر الزيارات الحكومية المتكررة إلى بودابست. الدافع ليس جمال نهر الدانوب، ولا حتى ضيافة أوربان الفاشية، بل لأن في المدينة واحدا من أقوى وأغنى فروع حباد في العالم. منذ المجزرة، سافر الوزراء إلى هناك 17 مرة، وأعضاء الكنيست من الائتلاف عشرات المرات الأخرى. وزير الخارجية جدعون ساعر، مثلا، كان هناك هذا الأسبوع — للمرة الثانية منذ عودته للحكومة.

هذه "الحريدية السياسية" هي نقطة ضعف الليكود الكبرى، وعلى المعارضة أن تضرب فيها بلا رحمة حتى الانتخابات — ليس من خلال تصريحات غبية ومعادية للديمقراطية عن "ربط حق التصويت بالتجنيد"، بل عبر خطاب بسيط وصريح حول تفضيل الليكود للمتهربين من الخدمة، والطفيليين، والمعادين للصهيونية على حساب الوطنيين الذين يخدمون في الجيش ويعملون.
إنه أمر سهل للغاية، يا إلهي.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025