هل ستتكلل محاولة إخراج مقاتلي حماس من رفح عبر ممر آمن ،بالنجاح؟

مكور ريشون

روني إيتان

إذا استمرت إسرائيل في إدارة المفاوضات بعد المفاوضات – فسوف تدفع الثمن.

إن طرح فكرة السماح لعناصر حماس في رفح بممر آمن أمر خطير، حتى وإن لم يُنفذ في النهاية. إذا سمحت إسرائيل لحماس بالاستمرار في تغيير شروط وقف إطلاق النار بعد توقيعه، فإنها ستجد نفسها في موقف الضعيفة التي تُبتز مرة بعد أخرى.

وفقاً للتقارير منذ يوم أمس، اقترحت حماس على إسرائيل أنه مقابل مواصلة تسليم جثث الرهائن المحتجزة لديها، سيسمح بمرور آمن لنحو مئة من مقاتلي حماس المحاصرين خلف "الخط الأصفر" في رفح إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحركة. ومنذ تلك التقارير، عشنا العديد من التقلبات، حتى كادت تلك الأخبار تُنسى، لكن من المهم ألا نسمح لإيقاع الأحداث الإسرائيلية المتسارع أن يجعلنا نتجاهلها.
نتنياهو نشر بياناً أوضح فيه أنه لن يُسمح بمثل هذا المرور بعد الغضب في صفوف اليمين، إلا أن مجرد مناقشة هذا الاقتراح – الذي من التجربة قد يعود ليصبح مطروحاً – هو أمر خطير بحد ذاته، ولأسباب عدة.

أولاً، لقد فاتت الفرصة أمام حماس لطلب إخلاء المناطق الواقعة داخل الخط الأصفر واستعادة مقاتليها المتحصنين هناك. لو كانت حماس معنية بأن يخرج مقاتلوها من رفح أحياء، لكان بإمكانها أن تطلب الانسحاب من الخط الأصفر بالتوازي مع انسحاب الجيش الإسرائيلي. ولو ورد هذا الطلب في الاتفاق، لما كان يمكن الاعتراض عليه، بل وربما كان مناسباً لإسرائيل في بداية وقف إطلاق النار – حيث يعيد كل طرف مقاتليه إلى جانبه.

لكن حماس ومقاتليها في الميدان اختاروا غير ذلك – فقد قرروا عن قصد البقاء خلف الخط الأصفر بعد وقف إطلاق النار ومحاولة مهاجمة جنود الجيش في المنطقة، في انتهاك واضح للاتفاق. هذه المحاولات تتم بشكل يومي، ومرتين نجحوا بالفعل في قتل جنود خلال فترة وقف إطلاق النار. لا يمكن أن تكافأ حماس على هذا الخيار.

روايات متضاربة:
هل ستسمح إسرائيل بمرور آمن لمقاتلي حماس في رفح؟
في الأيام الأخيرة طُرحت مطالبة بأن تسمح إسرائيل للمقاتلين "العالقين" في رفح بالخروج من الأنفاق بحرية دون أن يُمسّ بهم. مصدر سياسي قال: "رئيس الحكومة لا يسمح بمرور آمن لـ 200 من مقاتلي حماس".

في ظل هذا الوضع، الخيار الوحيد أمام هؤلاء المقاتلين الذين بقوا خلف الخطوط لمهاجمة جنود الجيش الإسرائيلي – في خرق جوهري لاتفاق وقف إطلاق النار – هو الاستسلام أو الموت. الممر الآمن لم يعد خياراً. كان يمكن التفكير به فقط في إطار شروط وقف إطلاق النار الأصلي، لا الآن.

وهذا ليس الخرق الوحيد للاتفاق. ربما نسينا، لكن حماس تنتهك الاتفاق أيضاً من خلال تأخيرها في تسليم الجثث. فهي تستخدم الجثث المتبقية لكسب الوقت، وكما نرى الآن – لتحقيق مكاسب سياسية.

حماس تدرك تماماً حساسية إسرائيل تجاه قضية جثث الأسرى، وإذا كان الأمر بيدها، فهي تنوي أن تجعلنا ندفع ثمناً إضافياً مقابل إعادة جثث دفعنا ثمنهم بالفعل. لا يجوز لنا أن ندفع لحماس مرتين، أو نسمح لها بالعبث بالاتفاق من خلال حيل رخيصة مثل "العثور" على جثث تماماً عندما تحتاج إلى مكاسب، وبالذات في المناطق التي أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيعمل فيها.

إن الموافقة على ممر آمن كهذا لها دلالتان خطيرتان:
الأولى، أن دولة إسرائيل قابلة للابتزاز، وأن أي اتفاق توقعه ليس نهائياً أبداً، فهي دائماً مستعدة لتقديم المزيد تحت الضغط، بحجة أنه "لقد دفعنا الكثير بالفعل، فما المانع من القليل الإضافي؟". المشكلة أن هذا "القليل" يصبح عادة، والطرف الآخر يحصد مكاسب تدريجية كبيرة.
تتعامل حماس مع إسرائيل مثل ناقل أثاث يطلب في يوم النقل رسوماً إضافية، وإسرائيل – مرة تلو الأخرى – تدفع الثمن المتصاعد.

إلى جانب ذلك، فإن السماح بمرور هؤلاء المقاتلين يعني خطراً مباشراً على الأرواح. فممر آمن لمئة (أو أكثر) من مقاتلي حماس سيعني أنهم سيعودون في يوم آخر للقتال ضدنا، أي ستكون لدينا المزيد من الجثث مستقبلاً. لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بمواصلة تقوية حماس، ونحن نعلم جميعاً أن حرباً أخرى معها ليست إلا مسألة وقت.

الخلاصة:
إذا كانت حماس تهتم بحياة مقاتليها، فلتدعُهم إلى الاستسلام.
إذا كانت تخشى من تجدد الحرب، فلتلتزم بالاتفاق.
لقد حان الوقت لأن تطور إسرائيل عموداً فقرياً وتُظهر صلابة حقيقية، لأن عدم الالتزام بالاتفاقات والسماح بخرقها مراراً وتكراراً سيجعل مثل هذه المطالب تتكرر، سواء في تنفيذ هذا الاتفاق أو في اتفاقات مستقبلية مع أعداء آخرين.
الدولة التي لا تصر على احترام الاتفاقات معها تبعث برسالة ضعف، والشرق الأوسط ليس مكاناً متسامحاً مع الضعفاء.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025