موقع مجموعة الأزمات
شويت وولدميكل
ترجمة حضارات
يقيم خبير مجموعة الأزمات الدولية، شويت وولدميكل، تداعيات سقوط عاصمة شمال دارفور المتنازع عليها بشدة.
في 26 أكتوبر/تشرين الأول، سيطرت قوات الدعم السريع شبه العسكرية على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، وآخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور بأكمله، توج انتصار قوات الدعم السريع هجومًا حاسمًا استمر ثلاثة أيام، سحق فيه ما تبقى من مواقع القوات المسلحة السودانية والجماعات الدارفورية المتحالفة معها.
كانت معركة المدينة من أشد المواجهات ضراوةً في حربٍ أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين، اندلع الصراع لأول مرة على الفاشر في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عندما أعلنت فصائل رئيسية، بما في ذلك قوات الزعيمين الدارفوريين مني مناوي وجبريل إبراهيم، دعمها العلني للجيش في محاولته وقف توسع قوات الدعم السريع.
في النهاية، تضافرت عدة عوامل لصالح قوات الدعم السريع، فقد أدى الحصار المطول إلى قطع الإمدادات والتعزيزات عن الجيش وحلفائه، مما أدى إلى المجاعة واليأس بين الجنود والمدنيين، وشملت ترسانة قوات الدعم السريع الموسعة، التي ورد أنها زودتها بها الإمارات العربية المتحدة، أنظمة مضادة للطائرات وطائرات استطلاع مسيرة ومدفعية ثقيلة، مما حرم الجيش من التفوق الجوي.
على الرغم من تعهدات قادة قوات الدعم السريع بضمان سلامة سكان الفاشر، تشير التقارير الأولية إلى أن قواتها مسؤولة عن فظائع عنيفة، تُظهر مقاطع فيديو عديدة نشرها جنود قوات الدعم السريع أنهم يُعدمون معتقلين، وتشير تقارير أخرى إلى موجة من عمليات القتل الجماعي، والاعتقالات التعسفية للمتهمين بالانتماء إلى الجيش، واغتصاب النساء وممارسة العنف الجنسي عليهن.
ويبدو أيضًا أن قوات الدعم السريع تُقيّد حركة من يحاولون الفرار، وخاصة الرجال، وتشير مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت إلى أن بعض أفراد قوات الدعم السريع مدفوعون بالانتقام، أو الاعتقاد بأن السكان الذين اختاروا البقاء في الفاشر متحالفون مع أعدائهم، على الرغم من أن منظمات الإغاثة أفادت بأن آلاف المدنيين حوصروا ببساطة في المدينة المحاصرة، ستُلحق هذه الفظائع مزيدًا من الضرر بسمعة قوات الدعم السريع في السودان وأماكن أخرى.
كان لسقوط الفاشر عواقب وخيمة على السودان، إذ عمّق الانقسام الفعلي للبلاد، ولأول مرة، عززت قوات الدعم السريع سيطرتها على غرب البلاد، مؤمّنة طرق الإمداد العابرة للحدود، ومؤكدة وجودها كسلطة حاكمة.
أصبح للبلاد الآن مركزان متنافسان للسلطة: قوات الدعم السريع في الغرب، والمؤسسات الموالية للقوات المسلحة السودانية في الوسط والشرق، كما أن سقوط المدينة يُحوّل مسار الحرب في السودان شرقًا، حيث شكّلت قوات الدعم السريع تحالفًا مع الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، التابعة لعبد العزيز الحلو، في جنوب كردفان.
مع تزايد جرأة قوات الدعم السريع وترسيخ القوات المسلحة السودانية، يواجه السودان مأزقًا سياسيًا لا يمكن لأي من الطرفين كسره عسكريًا، وبعد مطالبة الجيش وحلفائه بانسحاب قوات الدعم السريع من الفاشر كشرط مسبق للمفاوضات، يبدو الآن أقل استعدادًا للمشاركة في محادثات في أعقاب هذه الهزيمة مباشرة، وسيتطلب تجنب التقسيم الدائم بين الشرق والغرب دبلوماسية عاجلة ومبتكرة من جانب عملية "الرباعية" التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تضم أيضًا مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقد جمعت هذه الدول الأربع كلا الطرفين في الحرب السودانية لإجراء محادثات في واشنطن بشأن اقتراح هدنة في أكتوبر، ولكن دون تحقيق تقدم، وقد أصبحت مهمتهم منذ ذلك الحين أكثر صعوبة.