القناة 12
ترجمة حضارات
ميمون
استناداً إلى المعلومات الاستخبارية المتوفرة، فإن تصفية رئيس أركان حزب الله هيثم علي طبطبائي تركت محمد حيدر كشخصية الأمن العسكرية العليا الأخيرة في التنظيم التي لم تُصَفَّ بعد. حيدر، العضو في مجلس الجهاد في التنظيم، يُعد شخصية مفتاحية وكان في السابق قريباً جداً من عماد مغنية.
بعد التصفية في الضاحية – هذا هو القائد العسكري الأخير المتبقي من الجيل المؤسس لحزب الله
الهجوم الذي نفذه الجيش الإسرائيلي أمس في حي الضاحية ببيروت – والذي قُتل فيه هيثم علي طبطبائي، الذي شغل منصب رئيس أركان حزب الله الفعلي – يترك شخصية واحدة تقريباً لوحدها في قمة الهرم العسكري القديم للتنظيم: محمد (أبو علي) حيدر.
تقرير لمعهد واشنطن نُشر في أيار/مايو 2025 وصف حيدر وطبطبائي بأنهما "رأسا القيادة العسكرية الجديدة لحزب الله" – أصحاب الصلاحيات لاتخاذ قرارات حاسمة، منها استمرار تزويد الفصائل الفلسطينية في لبنان بالسلاح وطرق التعامل مع الضغط الدولي لنزع سلاح التنظيم.
في حين صُوِّر طبطبائي منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 باعتباره من يقود إعادة بناء القوة القتالية لحزب الله، يُعتبر حيدر "العقل" – الرجل الذي يدير من مخبئه آليات الأمن، والشبكات الإقليمية، والعلاقة الوثيقة مع إيران. والآن، بعد تصفية طبطبائي، يبقى حيدر، وفق المعلومات العلنية المتاحة، الشخصية العسكرية–الأمنية المخضرمة الأخيرة من جيل المؤسسين في قمة التنظيم.
من هو محمد حيدر؟
وُلِد حيدر عام 1959 في قرية كبريخا في قضاء النبطية. ووفق منشورات معهد "ألما" وكذلك مواقع استخبارية مفتوحة المصادر، بدأ طريقه في الثمانينيات في عمل مدني بوظائف إدارية في شركة الطيران الوطنية اللبنانية "ميدل إيست إيرلاينز". هذا الدور منحه غطاءً مدنياً وقدرة واسعة على الحركة في مرحلة كان حزب الله ما يزال فيها في طور التأسيس.
وبالتوازي مع عمله في شركة الطيران، اندمج حيدر تدريجياً في البنية التنظيمية لحزب الله. درس في أطر دينية في لبنان وإيران، وخضع لتدريبات أمنية، وتقدم داخل أجهزة الأمن الداخلي، بما في ذلك حماية القيادة، وفرز الكوادر، والحفاظ على سرية النشاطات.
من السمات المركزية في مسيرته الدمج بين الغطاء المدني وبين أدواره السرية. في هذا الإطار شغل منصب نائب في البرلمان اللبناني عن حزب الله بين عامي 2005 و2009 عن دائرة مرجعيون–حاصبيا. وفي حين استفاد من الحصانة والشرعية التي منحها له النظام السياسي اللبناني، فإنه خلف الكواليس اقترب من مراكز اتخاذ القرار العسكري، إلى أن عُيّن عضواً في مجلس الجهاد، وهو الهيئة العسكرية–الاستراتيجية العليا في التنظيم.
مجلس الجهاد، الخاضع لمجلس الشورى – القيادة العليا – مسؤول، من بين أمور أخرى، عن الاتصال المباشر مع "فيلق القدس" في الحرس الثوري. ووفق وثائق وزارة الخارجية الأمريكية، فإن حيدر يُعد من كبار أعضاء المجلس وأدار لسنوات "المكتب 113" المسؤول عن الشبكات العسكرية للتنظيم خارج لبنان.
تقرير نُشر في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 في موقع "ذات بيروت" اللبناني، عقب هجوم إسرائيلي في حي البسطة في قلب بيروت استهدف – بحسب الموقع – اغتيال حيدر، قدّمه باعتباره "خبيراً أمنياً" رفيعاً في حزب الله. ووفق التقرير، فإن حيدر مسؤول عن مجالات مركزية في التنظيم: المراقبة، تجنيد وتدريب المقاتلين، شراء الأسلحة، وأنظمة الأمن.
وجاء أيضاً أنه عقب الحادثة قام حزب الله بتفريق بقايا قيادته العسكرية بين شقق سرية ومبانٍ سكنية في أنحاء بيروت – انطلاقاً من فهم بأن الاعتماد على أمن الضاحية لم يعد ممكناً.
تقاطع المعلومات مع وثائق وزارة الخارجية الأمريكية يُظهر أن حيدر ليس مجرد "رجل تخطيط" في مقر التنظيم: فهو الذي عيّن قادة لوحدات مختلفة، وأنشأ شبكات عمل خارج لبنان، ويُعتبر قريباً جداً من عماد مغنية – رئيس الأركان الأسطوري لحزب الله الذي اغتيل في دمشق عام 2008.
المعلومات العلنية في الشبكة تشير إلى أنه بينما يمثل طبطبائي القائد التنفيذي – قائد قوات الرضوان وصاحب خبرة واسعة في القتال في سوريا واليمن – فإن حيدر يمثل المستوى الأعلى: من صفوف القيادة العليا، شريك في صياغة الاستراتيجية، وفي إدارة العلاقات مع طهران، وفي قيادة أجهزة الأمن والسيطرة في التنظيم. وفي 10 أيلول/سبتمبر 2019 أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية "إرهابياً عالمياً" ضمن أمر رئاسي – ما أدى إلى تجميد أصوله في الولايات المتحدة ومنع المواطنين والشركات الأمريكية من التعامل معه.