#الطوفان بعد سنتين؟ هل غرّد الطوفان خارج السرب أم كنا أسرابا لا وزن لها؟

وليد الهودلي

كاتب وأديب فلسطيني

في مثلِ هذا اليومِ أصبحنا على خبرٍ عظيمٍ، وما زال عظيمًا بما أحدث من تحوّلاتٍ محلِّيّةٍ وعالميّةٍ أخرجت الكوكب برمَّته عن مساره.
كان القلم يكتب تاريخًا على أسطرِ الهيمنةِ العالميّةِ الغربيّةِ بقيمِ المِكيالِ المزدوج؛ لا يرى وزنًا للشعبِ الفلسطينيِّ وقضيَّته سوى صفرٍ في الميزان، وكانت رياحُ التطبيعِ تجري بما تهوى سُفُنُهم، وكانت المنطقة تسير نحو هندسةٍ صهيونيّةٍ رَخِيّةٍ جميلةٍ صافيةٍ، لا تُشابها شائبةٌ، ولا يُغرِّد خارجَ سِربِهم مُغرِّدٌ ولو ملك فصاحةَ الكلام.

وكانت سيادةُ اتّفاقِ أوسلو بكلِّ مقرَّراتِه السياسيّةِ الهزيلةِ تلفظ أنفاسَها الأخيرة.
العربُ يتهافتون بكلِّ تُؤَدَةٍ وهدوءٍ في حالةٍ من البلادةِ والقوادةِ واللَّعانةِ في نُظُمِ علاقاتهم على أساسٍ من التبعيّةِ والخضوع، وأحيانًا الهُيام بتلابيبِ الصَّهينةِ وبركاتِ الأمريكان. كنا خارج السرب وخارج الملعب السياسي العالمي بل كنا أسرابا لا وزن لها. 

وجاء الحدثُ الذي قلب الزمانَ والمكانَ، حرثَ زَرعَهم الغَضَّ، وهيَّأ الأرضَ لزَرعٍ آخرَ فيه قيمُ الكرامةِ والسيادةِ والحرِّيّةِ وكلُّ الخيراتِ الحِسان.
قلبَ الطاولةَ في وجوهِهم، نكَّسَ أعلامَهم، وضربَ لهم كلَّ مخطَّطاتِهم وآمالِهم وأحلامِهم.

وفي ذاتِ الوقتِ، شقَّ طريقًا انطلق منه طوفانٌ أخذ في طريقه خَبَلَ هذا الزمان.
جُنَّ جنونُهم، ودخلت غزَّةُ متقدِّمةَ الفُرسان، لحق بها مَن لحق، وجَبُنَ مَن جَبُنَ، ولكنَّ الأمورَ عادت إلى نصابِها.

سُنَّةٌ قرآنيّةٌ تاريخيّةٌ إنسانيّةٌ حضاريّةٌ:
﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾.

كانت فاسدةً دونَ تدافعٍ، واليومَ – ومنذ السابعِ – أُعيدت إلى سُنَّةِ التدافع.
سُنَّةُ الله، ولن تجدَ لِسُنَّةِ الله تبديلاً.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025