حكومة إسرائيل في مواجهة العالم

افتتاحية هآرتس

ترجمة حضارات 

في يوم الأحد، خرجت حشود ضخمة من المتظاهرين في شوارع أمستردام. وبدلًا من أن تسمح (إسرائيل) لقافلة السفن "صمود" بالوصول إلى شواطئ غزة في خطوة رمزية إنسانية، أرسلت وحدة الكوماندوز البحري "شاييطت 13" لاعتراضها بالقوة. وهكذا تحوّلت مبادرة رمزية غير مؤذية إلى أزمة دولية، أشعلت موجات احتجاج في أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

طريقة تعامل الحكومة الإسرائيلية مع هذه القافلة تختصر مزيجًا خطيرًا من الغباء السياسي، والعدوانية، وانعدام الفهم للواقع الدولي. فبعد عامين من الحرب وسقوط أكثر من 65 ألف قتيل، بينهم نحو 20 ألف طفل، لم تعد (إسرائيل) تُرى في أعين معظم شعوب العالم كدولة تتعرض لهجوم وتدافع عن نفسها، بل كقوة عسكرية متغطرسة مصممة على مواصلة الحرب حتى آخر فلسطيني أعزل.

تأتي هذه التطورات بينما يُصدم الرأي العام العالمي من مشاهد التجويع والدمار في غزة، وهي مشاهد اختارت وسائل الإعلام الإسرائيلية حجبها عن جمهورها المحلي، ما خلق فجوة عميقة بين الوعي داخل (إسرائيل) وبين الوعي الدولي. في المقابل، تواصل حكومة بنيامين نتنياهو إثبات عجزها السياسي وافتقارها للرؤية.

وفي الوقت الذي اضطرت فيه القوات البحرية الإسبانية والإيطالية للتدخل لحماية مواطنيها من هجمات الجيش الإسرائيلي، تناقلت وسائل الإعلام العالمية تقارير عن إساءات بحق نشطاء القافلة، بينها إجبار غريتا تونبرغ على لف نفسها بعلم (إسرائيل) وتقبيله. ومع ذلك، يكتفي مكتب الخارجية الإسرائيلي بإصدار بيانات هزيلة تصف الحدث بأنه "استفزاز من حماس-صمود"، فيما يستغل الوزير إيتمار بن غفير النشطاء المهانين في مقاطع دعائية، واصفًا إياهم بـ"داعمي القتلة"، ومتباهيًا بأنهم "سيشعرون جيدًا بظروف الاحتجاز". إنها حكومة من مشعلي الحرائق المعزولين عن العالم.

أما وزير شؤون الشتات، عميحاي شيكلي، فاختار توجيه صفعة جديدة لصورة إسرائيل الدولية عبر دعوة العنصري البريطاني تومي روبنسون — أحد أبرز رموز اليمين المتطرف في بريطانيا — كـ"ضيف شرف" للحكومة. وعندما انتقدته الجالية اليهودية في بريطانيا، هاجمها الوزير بوصفها "مؤيدة للفلسطينيين". بهذا السلوك، أثبت مجددًا أن الانتماء لهذه الحكومة يتطلب غيابًا تامًا للحكمة والمسؤولية.

إن سلوك هذه الحكومة يشكل خطرًا مباشرًا على الإسرائيليين ويهود الشتات. فهي تتوهم أنها حامية الغرب، بينما تتموضع يومًا بعد يوم في الجانب الخطأ من التاريخ. وبدلًا من إفساح المجال أمام المفاوضات السياسية، يواصل نتنياهو الظهور في بودكاستات دعائية، مثل لقائه مع بن شابيرو، ليؤكد أن "الحرب يجب أن تستمر"، مقدمًا بذلك خدمة مجانية لحماس التي تبحث عن ذرائع لتعطيل أي صفقة.
في المحصلة، هذه الحكومة تضر بإسرائيل أكثر مما تحميها. لا مخرج من هذا المأزق إلا بوقف الحرب فورًا — لإنقاذ الأسرى، ووقف قتل سكان غزة، ومنع الانهيار الكامل.في المحصلة، هذه الحكومة تضر بإسرائيل أكثر مما تحميها. لا مخرج من هذا المأزق إلا بوقف الحرب فورًا — لإنقاذ الأسرى، ووقف قتل سكان غزة، ومنع الانهيار الكامل.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025