واي نت
ترجمة حضارات
من المتوقع أن يكون اليوم الثالث من المحادثات في مصر الأكثر أهمية، مع وصول رون ديرمر، وستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، ومحمد آل ثاني، ورئيس جهاز المخابرات التركي. وقد عقد مستشارو الرئيس ترامب اجتماعًا "استراتيجيًا" معه قبل انطلاقهم، حيث وصف مصدر إسرائيلي لصحيفة "بوليتيكو" الضغط الذي يمارسه الرئيس قائلًا: "لقد بدأ يُظهر تجاوبًا أكبر مع القادة العرب". فيما قال مصدر فلسطيني لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC): "هناك خلافات حول القضايا المطروحة للنقاش".
قبل وصول المستشارين الأمريكيين ويتكوف وكوشنر إلى شرم الشيخ، حيث استؤنفت صباح اليوم (الأربعاء) محادثات خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب، عقد الاثنان اجتماعًا استراتيجيًا مع الرئيس في المكتب البيضاوي الليلة الماضية، وفقًا لما صرّح به مسؤول في البيت الأبيض لصحيفة "بوليتيكو". وفي مقال يتناول تغيير نهج الرئيس الأمريكي تجاه الحرب، قال مستشار إسرائيلي مطلع على تفاصيل المفاوضات: "نحن أقرب من أي وقت مضى إلى اتفاق، لأن ترامب قرر عدم ترك أي مجال للمناورة لرئيس الوزراء نتنياهو".
بدأت محادثات شرم الشيخ اليوم حوالي الساعة الحادية عشرة صباحًا، ويُعد هذا اليوم الأهم في هذه الجولة، إذ يشارك فيه لأول مرة جميع كبار المسؤولين: مستشارا ترامب، ويتكوف وكوشنر؛ ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر؛ ورئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني؛ ورئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين. وصرّح مصدر مطلع على المحادثات بأن الساعات الأربع والعشرين القادمة ستكون مؤشرًا رئيسيًا على إمكانية التوصل إلى اتفاق.
"فجوات كبيرة، جو إيجابي"
أشار موقع "بوليتيكو" إلى أن العديد من نقاط الخلاف لا تزال عالقة في المفاوضات، من بينها: خطوط انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة؛ ما إذا كانت حماس ستُفرج عن جميع الرهائن الـ48، بمن فيهم المحتجزون لدى منظمات أخرى؛ وتوقيت إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية؛ والجهات التي ستدخل المساعدات الإنسانية عبرها إلى القطاع.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على تفاصيل المفاوضات لـBBC إن هناك "اختلافات كبيرة" في تفسير الجانبين لخطة النقاط العشرين لإنهاء الحرب، موضحًا أن الخلافات برزت حول معظم القضايا الخمس الرئيسية المطروحة للنقاش: وقف إطلاق نار دائم؛ تبادل الرهائن والأسرى؛ انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة؛ توزيع المساعدات الإنسانية؛ وتشكيل حكومة في غزة "في اليوم التالي" للحرب.
من جهة أخرى، أفاد مراسل قناة "العربي" القطرية بأن الأجواء في مصر "إيجابية للغاية"، وأن هناك "تفاؤلًا بأن هذه الجولة من المفاوضات ستفضي إلى اتفاق، لا سيما في ظل توسع المشاركين وانضمام وفود من الولايات المتحدة وقطر وتركيا". وأضاف المراسل، استنادًا إلى مصادر دبلوماسية وأمنية، أن الخلافات في الرأي "أقل حدة من الجولات السابقة"، وأن "الطرفين يُظهران مرونة أكبر"، بينما تُمارس ضغوط من جميع الأطراف لإنهاء الحرب. كما أشار إلى أن حماس تسعى للحصول على ضمانات أمريكية مكتوبة لاستكمال الأجزاء المتبقية من الخطة بعد المرحلة الأولى.
وأضاف المراسل أن هناك مطالبات بضمانات تتعلق بإعادة إعمار قطاع غزة، وأن تبدأ عملية الإعمار فور إعلان الخطة، دون انتظار استكمال مراحلها، ودون تهجير سكان القطاع. كما أشار إلى وجود خلافات حول أسماء الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم، والجدول الزمني لتسليم الأسرى الأحياء والأموات، لكنه وصف هذه النقاط بأنها "قابلة للتفاهم".
وفي وقت سابق، أفادت الأنباء بأن المفاوضات مستمرة بشأن قوائم الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إدراجهم في الصفقة، وبالتوازي مع نقل حماس للقوائم إلى الوسطاء، بحسب مصادر فلسطينية، تحتل قضية الأسرى مكانة بارزة في المباحثات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الضغوط التركية لدفع هذه القوائم، ومطالبة حماس بإدراج المحكومين بالسجن المؤبد ضمن الصفقة.
وصرّح مصدر فلسطيني رفيع المستوى لموقع Ynet هذا الصباح بأن هناك محاولات جارية لزيادة عدد السجناء المحكومين بالمؤبد من 250 إلى 300. وفي هذا السياق، أفادت مصادر لموقع UltraPalestine بأنه "خلال مناقشات اليوم، تم تقليص عدد الأسماء التي سعت إسرائيل إلى استخدام حق النقض (الفيتو) ضدها". ومع ذلك، تبقى "مسألة انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق انتشاره في غزة عقبة كبيرة أمام تقدم المفاوضات". وفي الوقت نفسه، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن حماس لا تطالب فقط بالإفراج عن "عاصم"، بل أيضًا بجثتي يحيى ومحمد السنوار.
في غضون ذلك، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الرئيس ترامب بعد ظهر اليوم لحضور توقيع "اتفاق غزة" في مصر، حال التوصل إليه، وقال: "أدعو ترامب لمواصلة دعمه للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة. لقد أرسل مبعوثيه بمهمة واضحة، وهي العمل على إنهاء الحرب".
تغيير ترامب: "إسرائيل لم تكن معزولة إلى هذا الحد"
كتبت "بوليتيكو" أن فريق ترامب اضطر إلى إجراء "تعديلات" في نهجه تجاه الحرب، مما قرّبه من تحقيق وقف إطلاق النار بعد أشهر من المفاوضات غير المثمرة. ووفقًا للتقرير، ضغط ترامب على نتنياهو، وفي الوقت نفسه بدأ يُظهر تجاوبًا أكبر مع قادة العالم العربي، الذين يُتوقع منهم الضغط على حماس لوقف إطلاق النار. وكانت نقطة التحول، بحسب "بوليتيكو"، هي الهجوم الإسرائيلي الفاشل على قطر الشهر الماضي، والذي استهدف قيادة حماس.
بدأ ترامب بإقناع العالم العربي من جهة، وفي الوقت نفسه ضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب. ووفقًا لمستشار إسرائيلي مطلع على تفاصيل المفاوضات، تحدث لـ"بوليتيكو" دون الكشف عن هويته، "ليس لدى نتنياهو من يلجأ إليه. إنه بحاجة إلى ترامب على الصعيدين الدولي والمحلي، من أجل فرصة البقاء السياسي".
أشارت "بوليتيكو" إلى أن سياسة ترامب تجاه غزة تطورت منذ ولايته الأولى، التي اتسمت بالأحادية. أما الآن، فهو يعتمد بشكل متزايد على شركائه الإقليميين، ويُبدي صبرًا على التحركات الدبلوماسية التي تجري خلف الكواليس. كما استغل التقويم السياسي في إسرائيل، إذ سيحتاج نتنياهو إلى دعمه في الانتخابات المقبلة.
وبينما أكد ترامب علنًا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، أقنعها – من خلال تعزيز علاقاتها مع الدول العربية – بإعادة حماس إلى طاولة المفاوضات، مما زاد الضغط على نتنياهو. وقال مصدر مطلع على التحركات الدبلوماسية: "من منظور القوة، لم تكن إسرائيل يومًا في موقف أقوى. لقد دمروا حزب الله وحماس، وأقنعوا الولايات المتحدة بمهاجمة إيران. لكن دبلوماسيًا، لم تكن يومًا أكثر عزلة". وأضاف: "القادة الأوروبيون يدعون إلى إقامة دولة فلسطينية، بينما يصف القادة العرب الذين وقّعوا اتفاقيات إبراهيم نتنياهو بـ'المجنون'. وقد أجبره ترامب على الاعتذار للقطريين في مكتبه".
من بين دول الخليج، اعتمد ترامب بشكل رئيسي على قطر في مساعيه لإنهاء الحرب في غزة. وبعد تنصله من الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، وجّه ترامب نتنياهو بالاتصال برئيس الوزراء القطري آل ثاني من البيت الأبيض والاعتذار له. وبعد المكالمة بوقت قصير، أعلن نتنياهو في بيان دعمه لخطة الرئيس المكونة من عشرين نقطة لإنهاء الحرب.
وقال المصدر الذي تحدث إلى "بوليتيكو" إن ترامب استخدم قطر أيضًا للتواصل مع المسؤولين المصريين والسعوديين، الذين حثّوا حماس على الموافقة على خطة البيت الأبيض. وأضاف: "إن تعاون ترامب مع شركائه العرب، وخاصة قطر، ساهم في دفع المحادثات إلى هذه المرحلة".