لم يتعلموا شيئًا

صحيفة هآرتس

ترجمة حضارات 

لم تجف بعد دموع الفرح على عودة الأسرى، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يعود إلى حربه القديمة ضد جهاز القضاء.

بالنسبة له، انتهاء الحرب وعودة الأسرى ليست سوى فرصة لاستئناف القتال في الساحة الداخلية. فكيف سيتوحّد معسكره السياسي من دون عدوّ مشترك؟ كما قال مستشاره المقرّب نتان إيشل: "الكراهية هي ما يوحّد معسكرنا."

أول خادمٍ لهذه الكراهية هو رئيس الكنيست أمير أوحانا، الذي قرّر عدم دعوة رئيس المحكمة العليا يتسحاق عميت – أحد رموز الدولة السبعة – إلى الحفل الرسمي في الكنيست بمشاركة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب. كذلك لم تُدعَ المستشارة القانونية للحكومة غالي بهراب-ميارا، وهي من كبار مسؤولي الدولة. إقصاء رموز السلطة القضائية كان رسالة واضحة حول من هو "صاحب البيت"، وأثبت أن حديث نتنياهو عن "زمن للسلام بيننا" لا يعدو كونه كلامًا فارغًا.

إبعاد عميت وبهراب-ميارا عن الحفل لم يكن سوى الطلقة الأولى في تجديد الحرب الداخلية. فقد استؤنفت أمس جلسات محاكمة نتنياهو في المحكمة المركزية في تل أبيب، ونظّم مكتبه عرضًا للدعم: وزراء، أعضاء كنيست، وناشطون ملأوا القاعة وهتفوا مطالبين بإلغاء المحاكمة.

وزير العدل ياريف ليفين – مهندس الانقلاب القضائي – أعلن أن "محاكمة رئيس الحكومة ما كان يجب أن تبدأ أصلًا"، ووعد بدفع مشروع قانون يقدّمه عضو الكنيست أريئيل كلنر، يسمح لوزير الدفاع – بالتشاور مع وزير العدل – بتقليص جلسات المحاكمات إن رُئي أنها "تمسّ بأمن الدولة".

من الواضح أن هذا قانون شخصي صُمّم خصيصًا لوقف محاكمة نتنياهو. ومن الواضح أيضًا أن المحكمة العليا ستلغيه فورًا. لكن هذا لا يهمّ مؤيديه، فهدفهم هو كسب الانتخابات التمهيدية في الليكود والانتخابات العامة، حتى لو كان الثمن تدمير الدولة.

نتنياهو نفسه كان قد زعم في الماضي أنه لا مانع من أن يشغل منصب رئيس الحكومة أثناء خضوعه للمحاكمة، وهو ما قاله للمحكمة العليا. أما الآن، فيستخدم المنصب ذاته ذريعة لعرقلة المحاكمة. وإن كان يجد صعوبة في التوفيق بين المنصبين، فعليه أن يستقيل ويتفرغ لمحاكمته.

بدل أن يستغل هذه اللحظة لتهدئة الأجواء، وتشكيل لجنة تحقيق وطنية، وتحديد موعد للانتخابات، اختار نتنياهو ومقرّبوه إشعال الجبهة الداخلية من جديد، وكأن السابع من أكتوبر لم يحدث، وكأن حرب السنتين لم تكن، وكأن إسرائيل لم تتحوّل إلى دولة منبوذة في العالم.

وزراء حكومته انضموا إليه مجددًا بلا تردّد، في تعبئة جديدة ضد مؤسسات الدولة.

على من يرفضون تحمّل المسؤولية عمّا فعلوه بإسرائيل خلال ولايتهم، والذين يصرّون اليوم على تجديد الحرب ضد مؤسسات الدولة والمدافعين عنها، أن يدركوا: الاحتجاج لن يتراجع من دون نضال.

جميع الحقوق محفوظة لـمركز حضارات للدراسات السياسية والإستراتيجية © 2025