المصدر: معاريف
ترجمة حضارات
الكاتب: فلِد أَرْبِلي
رئيس قسم الأبحاث في مركز "ألما" لدراسة تحديات الأمن في الشمال ينشر تحليلًا جديدًا يُعدّ خريطة مخاطر لإسرائيل. يشير بئيري إلى أن إمكانات البنية التحتية الإرهابية لإيران وحزب الله في جنوب سورية تنتشر في عشرات البلدات.
ويضيف أن مركز "ألما" بحث خلال السنوات الأخيرة، عن كثب، في مزيج الارتكاز المدني والعسكري للمحور الشيعي الراديكالي بقيادة إيران في جنوب سورية. وفي هذا السياق، نُشرت عدة تقارير معمّقة عن وحدات حزب الله العاملة هناك، والميليشيات الشيعية، والارتكاز المدني للمحور، والميليشيات المحلية التي تعمل بتعاون مباشر معه.
يدّعي بئيري أن جنوب سورية تحوّل إلى منصة لبنية تحتية "للإرهاب "الشيعي. ويقول: "رأى المحور الشيعي في جنوب سورية منطقة استراتيجية بالغة الأهمية، شكّلت خط مواجهة مباشرًا مع إسرائيل. لقد أسّست إيران في هذه الجبهة منصة إرهاب عسكري ضد إسرائيل بواسطة حزب الله (وحدة ملف الجولان)، وميليشيات شيعية ومحلية. وكان ناشطو خلايا ملف الجولان والميليشيات المحلية من أبناء المنطقة، من السنّة والدروز".
ويضيف: "يستخدم المحور الشيعي منطقة جنوب سورية منصةً للإرهاب، مباشرةً ضد منطقة هضبة الجولان الإسرائيلية، وبصورة غير مباشرة عبر الأردن باتجاه يهودا والسامرة، أساسًا من خلال تهريب وسائل قتالية نوعية ومُخِلّة بالتوازن".
ويشدّد بئيري: "على مرّ السنوات، جرى تشغيل بعض تلك الخلايا وبعض ناشطي الميليشيات بالتوازي عبر حزب الله بواسطة وحدة ملف الجولان، وعبر وحدة 840 – وحدة العمليات الخاصة في فيلق القدس بقيادة أصغر باقري، وعبر قسم 4000 – قسم العمليات الخاصة في جهاز استخبارات الحرس الثوري، بقيادة جواد غفاري حتى وقت قريب".
ويذكّر: "نعرف على الأقل حادثتين من الماضي نجحت فيهما وحدة 840، بواسطة خلايا الإرهاب المحلية، في زرع عبوات قرب الحدود مع إسرائيل (في آب/أغسطس وتشرين الثاني/نوفمبر 2020). محاولات إضافية لتنفيذ نشاط إرهابي لم تنضج أو لم تُكلَّل بالنجاح".
ويفصّل بئيري الإمكانات: "في السنوات الأخيرة، قبل سقوط نظام الأسد، قمنا برسم خرائط لعشرات المناطق والبلدات في جنوب سورية، حيث عملت عشرات خلايا الإرهاب التي شغّلتها وحدة ملف الجولان، وعشرات الميليشيات المحلية التي شكّلت فعليًا مرتزقة للمحور الشيعي (انظر تفصيل الإمكانات في الملحق). وحتى اليوم، بعد سقوط نظام الأسد، فإن السوريين من أبناء المكان، ممن شُغّل بعضهم ضمن تلك الخلايا وبعضهم كان ناشطًا في الميليشيات في تلك المناطق، يشكّلون اليوم الإمكان الذي تبني عليه إيران وحزب الله استمرار نشاطهما في جنوب سورية".
ويشرح: "بواسطة هذا الإمكان، يعيدون بناء بنيتهم التحتية الإرهابية ويعزّزون موطئ قدمهم في هذه المنطقة. مصلحة أبناء المكان الذين يُشغَّلون هي المال أساسًا، وأقلّ أيديولوجيا إن وجدت. مهمة بعض المُشغَّلين جمعُ المعلومات الاستخبارية و/أو تنفيذ نشاط إرهابي فعلي في منطقة الحدود، ومهمة آخرين المساعدة في نقل وتهريب الأسلحة".
ويفصّل أسلوب التشغيل: "تُشغّل إيران وحزب الله الخلايا المحلية مباشرةً من إيران ولبنان، أو بديلًا باستخدام جهة وسيطة محلية – سوري يشكّل حلقة وصل. وفي حالات معيّنة، يجري التشغيل بتغطية، أي إن السوري المحلي لا يعرف أنه يُشغَّل فعليًا من جهات إيرانية أو من حزب الله".
ويضيف: "خلال أشهر تموز/يوليو حتى أيلول/سبتمبر 2025، صُفّي في لبنان أربعة ناشطين لبنانيين. اثنان منهم منتميان إلى وحدة 840 واثنان إلى حزب الله. كان هؤلاء الأربعة عنصرًا مركزيًا في تهريب السلاح من إيران عبر الأراضي السورية إلى الأردن ومنها إلى يهودا والسامرة، وكذلك في تهريب السلاح إلى لبنان، وفي توجيه خلايا إرهابية داخل سورية لتنفيذ نشاط ضد إسرائيل من جنوب سورية".
ويقدّم مثالًا: "كان أحد الأربعة المصفّين، قاسم صالح الحسيني، ناشطًا لبنانيًا كبيرًا في وحدة 840، مسؤولًا عن تشغيل إحدى خلايا الإرهاب التي عملت في محيط بلدة رفيد في جنوب سورية، في قريتي أم اللوقس وعين البصلي، على مسافة كيلومترين إلى ثلاثة كيلومترات من سياج الحدود مع إسرائيل. في 2 تموز/يوليو 2025، أوقف جيش الدفاع الإسرائيلي أربعة سوريين من أبناء المكان عملوا ضمن تلك الخلية وكانوا ينوون تنفيذ نشاط إرهابي ضد قوات الجيش. وقد شغّل الحسيني جهة وسيطة محلية سورية تُدعى حسين محمود علي بَخَر (ضابطًا سابقًا برتبة مقدم في جيش الأسد)، وكان على تواصل مباشر مع أفراد الخلية".
ويتابع: "كان الحسيني أيضًا ضالعًا في نقل وتهريب أسلحة إلى أراضي يهودا والسامرة. أما لبناني آخر مُصَفّى، فكان محمد حسن شعيب، ناشطًا في وحدة 840 ومشاركًا في تهريب الأسلحة. في 8 تشرين الأول/أكتوبر، نُشر أن شحنة أسلحة نوعية كبيرة مصدرها إيران ضُبطت من قِبل إسرائيل. احتوت الشحنة عبوات من نوع "كليمغور"، مُسيّرات انتحارية، صواريخ وقاذفات آر بي جي، قنابل يدوية، مسدسات، بنادق، ورشاشات".
ويذكّر: "يُشار إلى أنه قبل سقوط نظام الأسد، في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أوقف جيش الدفاع الإسرائيلي في المنطقة نفسها، في محيط بلدة رفيد قرب قرية صيدا، علي سليمان الأعازي، الذي شُغّل هو أيضًا من إيران وكان يشتغل في جمع معلومات عن قوات الجيش في منطقة العازل تمهيدًا لنشاط إرهابي مستقبلي".
ويضيف: "في 11 أيلول/سبتمبر 2025، اعتقلت قوات أمن الداخل السورية خلية إرهابية محلية يُفهم من المنشورات أنها شُغّلت من حزب الله. اعتُقلت الخلية في منطقة قُرى سعسع وقِنَصْر في جنوب سورية. وخلال الاعتقال، ضُبطت 19 راجمة غراد، ومرابط إطلاق للصواريخ، وذخائر إضافية. وبحسب تقارير مختلفة، تلقى أفراد الخلية تدريبات على يد حزب الله داخل الأراضي اللبنانية".
ويشير: "أحد اللبنانيين الأربعة الذين صُفّوا، كان حسام قاسم غراب، ناشطًا في حزب الله، صُفّي في 5 آب/أغسطس 2025 في منطقة بريتال في البقاع. عمل غراب من داخل لبنان على توجيه خلايا إرهابية في سورية خططت لإطلاق صواريخ نحو هضبة الجولان الإسرائيلية".
ويخلص بئيري: "على الرغم من التغييرات التي حدثت في جنوب سورية مع صعود نظام الشرع، ظلّ إمكان البنية التحتية الإرهابية التي بنتها إيران بواسطة حزب الله وشركائه المحليين خلال العقد الأخير مهمًا بل ومتجددًا. لقد نجحت شبكات التشغيل المدمجة لحزب الله (وحدة ملف الجولان سابقًا)، ووحدة 840 التابعة لفيلق القدس، وقسم 4000 التابع لجهاز استخبارات الحرس الثوري، في إبقاء بنية عملياتية مرنة تستند إلى عناصر سوريين محليين".
ويؤكد: "تتيح هذه البنية، المدفوعة أساسًا بدوافع اقتصادية لا أيديولوجية، لإيران وحزب الله مواصلة ترسيخ موطئ قدم في جنوب سورية، والحفاظ على تهديد مستمر على حدود إسرائيل، والحفاظ على قدرة تهريب الأسلحة إلى أراضي يهودا والسامرة باعتبارها "أنبوب أكسجين"".
ويضيف أخيرًا: "تشير خرائط الساحات، وهوية المُشغّلين، والأنماط العملياتية، إلى جهد متواصل لإعادة بناء آلية عمل قادرة على تشغيل خلايا محلية خلال وقت قصير وبحد أدنى من التعرض المباشر لجهات التشغيل الإيرانية واللبنانية".