هآرتس بالعربي
ترجمة حضارات
بعد "سنواتٍ من الحرب والخطر، السماء اليوم هادئة، والمدافع صامتة، والشمس تشرق على الأرض المقدّسة"، أعلن رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، من على منبر الكنيست في القدس هذا الأسبوع — وذلك أثناء إعادة عشرين أسيرًا إسرائيليًا أحياء، كانوا في قبضة حماس طوال عامين كاملين. وقال: "ليس هذا مجرد إنهاءٍ للحرب، بل هو نهاية لعصر الإرهاب والموت. كما في الولايات المتحدة، سيكون هذا العصر الذهبي لإسرائيل وللشرق الأوسط"، محاولًا تحويل بؤرة الحديث من مجرّد النصر العسكري إلى معناه وهدفه. وأضاف: "لقد حقّقت إسرائيل كل ما يمكن تحقيقه بالقوة العسكرية، والآن حان الوقت لترجمة هذه الإنجازات ضد الإرهابيين في ميدان المعركة إلى الهدف الأكبر — السلام والازدهار في كل الشرق الأوسط".
دعا ترامب إسرائيل إلى "استثمار الفرصة التي حقّقتها بالقوة وبالشجاعة لقيادة مسارٍ سياسيّ جديد مع جيرانها"، ووجّه رسالة مباشرة إلى الفلسطينيين قائلًا: "بعد كل هذا الموت والألم، حان وقتكم للتركيز على بناء الاستقرار، والأمن، والكرامة، والتنمية الاقتصادية". وأكد الرئيس صراحةً أنّ بلاده "ستدعم أي مبادرة إسرائيلية ـ فلسطينية تسعى إلى سلامٍ حقيقيّ ومستدام في الشرق الأوسط".
لكن خلال الخطاب، أُبعِد عضوان من الكنيست بعدما رفعا لافتاتٍ كُتب عليها "اعترف بفلسطين". فإذا كان ترامب ملتزمًا فعلًا بالسلام، فلا يمكنه أن يشجّع رفض إسرائيل الاعتراف بحقّ الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. إنّ المطالبة بالاعتراف بدولةٍ فلسطينية، ولا سيّما حين تُعبَّر عنها بوسائل غير عنيفة، هي مطلبٌ طبيعيّ وضروريّ لكلّ من يزعم، مثل ترامب، أنّه يسعى إلى شرقٍ أوسط جديد.
بعد الخطاب، أقلع ترامب إلى شرم الشيخ، حيث شارك في قمة جمعته برئيس مصر عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. إن مجرد مصافحته لعباس وإعادة السلطة الفلسطينية إلى طاولة المفاوضات يُعدّ دليلاً على إدراكه أن هزيمة حماس تعني الاعتراف بالسلطة الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني.
أما نتنياهو، فقد امتنع عن حضور القمة بذريعة "قدسية العيد" — وهي ذريعة تخفي وراءها حقيقة بسيطة: رئيس الحكومة الإسرائيلية يخشى السلام أكثر مما يخشى الحرب. بدل أن يغتنم اللحظة التاريخية التي صنعها ترامب، اختار مجددًا الركون إلى الجمود والرفض، خشية مواجهة شركائه المسيانيين في الائتلاف.
في الكنيست، قال ترامب عن نتنياهو إنه "ليس رجلًا سهلاً"، لكنه أثنى عليه لأنه "أدرك أن الوقت قد حان". ولم يُفصح عن الطريقة التي جعله يدرك بها ذلك. والحقيقة أن نتنياهو خضع للضغط الأمريكي. على ترامب أن يواصل ممارسة هذا الضغط على نتنياهو وعلى إسرائيل. فإذا أصرّ ولم يتراجع، فربما تكون السماء التي تحدّث عنها حقًا هي الحدود.