واي نت
حلم أردوغان في غزة، كابوس إسرائيل
بعد نحو عامين من المعارضة الإسرائيلية لأي تدخل تركي، دخلت أنقرة إلى المفاوضات من الباب الرئيسي – وتم التوقيع على اتفاق إنهاء الحرب بينما إحدى أبرز الداعمات لحماس تحظى بدور مركزي فيه.
فرق الإنقاذ التركية تنتظر "الضوء الأخضر"، لكن هل قد يؤدي الانخراط التركي إلى أزمة جديدة في الشرق الأوسط؟ الخبراء يحذرون: “المشكلات ستبدأ في المرحلة الثانية”.
من الإقصاء إلى الشراكة
منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، حاولت إسرائيل بكل وسيلة ممكنة منع تركيا من التدخل في المفاوضات مع حماس. فقد اعتمدت على مصر وقطر بدلاً من الرئيس رجب طيب أردوغان الذي دعم حماس علنًا، وهاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واصفًا إياه بـ"هتلر"، واتهم إسرائيل بارتكاب مجازر.
لكن مع استمرار الغموض حول تفاصيل خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمستقبل غزة ومفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق، يبدو أن دور تركيا كوسيط وفاعل أساسي في القطاع بات مضمونًا.
ترامب يمنح أردوغان الثقة
بمبادرة من ترامب، انضمت تركيا في النهاية إلى المفاوضات التي أدت إلى وقف إطلاق النار، ويُعتقد أن ضغطها – بدعم من الرئيس الأمريكي – كان حاسمًا في إنجاز الصفقة.
أردوغان وقّع على الاتفاق في “قمة السلام” بشرم الشيخ إلى جانب ترامب، وأمير قطر تميم بن حمد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
كما ستشارك تركيا في قوة دولية للمساعدة في البحث عن المفقودين والقتلى في غزة. وقال مسؤول تركي لوكالة *فرانس برس* إن “فريقًا من 81 منقذًا ينتظر الضوء الأخضر من إسرائيل للدخول إلى غزة”.
أردوغان يهاجم إسرائيل رغم الدور الجديد
رغم هذا الدور، لم يخفف أردوغان ولا وزير خارجيته هاكان فيدان من لهجتهما ضد إسرائيل. فقد قال أردوغان في أحد تصريحاته:
> “لإسرائيل تاريخ طويل في نقض الاتفاقات بعد وقف إطلاق النار”.
> كما أكد أن “من المهم أن تستمر الضغوط الأمريكية على حكومة إسرائيل في هذه المرحلة”.
بحسب د. غاليا ليندنشتراوس من معهد دراسات الأمن القومي (INSS):
> “إسرائيل لم ترغب إطلاقًا برؤية تدخل تركي في غزة بعد الحرب، لكنها رضخت للضغوط الأمريكية، ولأن علاقات أنقرة – واشنطن الآن في ذروتها، فإن ترامب يثق بأردوغان ليحدث بعض النظام في الشرق الأوسط.”
وأضافت:
> “من منظور تركي، هذه فرصة كبيرة طالما حلم بها أردوغان – أن تكون بلاده فاعلاً رئيسيًا في غزة.”
لكنها حذرت:
> “تركيا دولة معادية لإسرائيل علنًا وفي الأفعال، لذلك هذا تطور غير مرغوب فيه بالنسبة لتل أبيب.”
“مغيّر قواعد اللعبة”
أما د. رَمي دانيال ، الباحث في شؤون تركيا بمعهد INSS، فقال : إن تدخل تركيا كان حاسمًا للتوصل إلى الاتفاق، رغم الجدل حوله.
> “أردوغان أراد أن يكون لاعبًا رئيسيًا منذ البداية. في الماضي كانت تركيا المانح الأكبر لغزة. حاول أردوغان أن يجعل من نفسه رمزًا للمعارضة لإسرائيل، لكنه فشل. لم تنجح تركيا في أن تكون الوسيط إلا الآن – حين أشركها ترامب مع قطر. وهذا غيّر قواعد اللعبة.”
وأوضح أن حماس كانت في مأزق بعد أن فقدت دعمًا فعّالًا من “المثلث الإيراني–القطري–التركي”، ما دفعها للقبول بالاتفاق، مؤكدًا أن “للدور التركي ثمنًا باهظًا لإسرائيل”.
وأضاف:
> “أردوغان يعزز شرعية حماس، ويحاول إبقاءها فاعلة سياسيًا. ساعد في المرحلة الأولى (تحرير الأسرى)، لكن في المرحلة الثانية – الحل الطويل الأمد – ستكون الأمور معقدة جدًا بالنسبة لإسرائيل.”
المرحلة القادمة: وجود عسكري تركي؟
تقول د. ليندنشتراوس:
> “لا نعرف بعد مدى حجم المشاركة التركية، لكن التصريحات القادمة من أنقرة طموحة جدًا. يتحدثون عن استعداد لإرسال جنود إلى غزة إذا لزم الأمر، وأن تركيا ستكون طرفًا مراقبًا على التزام وقف إطلاق النار.”
وزارة الدفاع التركية أعلنت:
> “قواتنا ذات الخبرة في حفظ السلام مستعدة لأي مهمة توكل إليها.”
وحذّرت الباحثة:
> “وجود قوات تركية في غزة سيكون مقلقًا جدًا لإسرائيل، خاصة في ظل التوتر بين القيادتين. ماذا سيحدث إذا وقع حادث عسكري بين الجانبين؟”
تعارض المصالح
تضيف ليندنشتراوس:
> “تركيا وقطر لا ترغبان في تدمير حماس، بل في بقائها ضمن المشهد. وهذا تعارض جوهري مع المصالح الإسرائيلية.”
أما د. دانيال فيرى أن:
> “الضعف الحقيقي لتركيا هو أنها تسير عكس التيار الإقليمي والعالمي. فمعظم دول المنطقة، مثل مصر والإمارات، لا تريد بقاء حماس. لكنها الآن قوية جدًا – وهذا قد ينقلب عليها في أي لحظة.”
السياق السوري والتنافس الإقليمي
توضح ليندنشتراوس أن التوتر في سوريا زاد التنافس التركي الإسرائيلي: