صحيفة "هآرتس"
لماذا يظلّ الليكود قويّاً في استطلاعات الرأي؟ أيضًا بسبب الوظائف للمقرّبين
أوري مشغاف –
إسرائيليون عقلانيون يؤمنون بمبدأ الثواب والعقاب يجدون صعوبة في فهم سبب استمرار حزب "الليكود" في الحفاظ على قوّته في استطلاعات المقاعد البرلمانية، بل وازديادها مؤخرًا، رغم الكارثة التي جرّها على إسرائيل في السابع من أكتوبر. فالحزب الذي يقود الحكومة جلب هزيمة وخرابًا غير مسبوقين، وزعماؤه مجموعة من العاجزين والفاسدين. لكن هناك تفسير يتجاوز فكرة "هذا ما نستحقّه".
المعيشة:
خلال سنوات حكم نتنياهو، بُنيت شبكة واسعة من المنافع الاقتصادية لأنصاره: تعيينات في الخدمة المدنية والقطاع العام، صفقات حكومية، إعفاءات من المناقصات، دعم مالي، وتسهيلات اقتصادية. مئات آلاف العائلات تستفيد مباشرة من "قدر اللحم" الذي توزّعه سلطة الليكود، لذلك لا يشغلها الصالح العام بقدر ما يشغلها حسابها البنكي.
الكراهية:
العنصر الأهم في تماسك الحزب هو الكراهية، كما اعترف ناتان إيشل، أحد المقربين من نتنياهو. الكراهية هي المادة الخام التي يصوغ بها نتنياهو جمهوره: كراهية "اليساريين" رغم أن الليكود لا يطبّق سياسة يمينية حقيقية، كراهية "الأشكناز" رغم أن قادة الحزب أنفسهم منهم، كراهية العلمانيين والليبراليين الذين "نسوا ما معنى أن تكون يهودياً"، رغم أن معظم قيادات الحزب غير متدينين. أيضًا كراهية المحتجين ("الكفلانيين")، وكراهية العرب، ومن لا يكره العرب. لذلك من الضروري أن يضمّ معسكر معارضة الليكود شخصيات من اليمين مثل ليبرمان وهنْدل، ومتدينين معتدلين مثل بينِت وטרوبر، ولا داعي للخوف من ذلك.
الديموغرافيا:
الليكود و"عوتسما يهوديت" يستفيدان من قاعدة ناخبين ضخمة من الحريديم (اليهود المتشددين) والسابقين منهم. قلة من هؤلاء تنتقل إلى أحزاب الوسط أو اليسار حتى بعد تركهم نمط الحياة الديني. لذا تبقى أحزاب "شاس" و"يهدوت هتوراه" عالقة بين 8 و9 مقاعد، رغم معدلات الولادة العالية جداً في أوساطهم.
الزمن:
بعد 7 أكتوبر كان من المفترض أن تنهار حكومة الليكود تماماً. عرفوا أن المسؤولية تقع عليهم وأن وقتهم انتهى. نتنياهو لم يتصرّف خلال أول 72 ساعة. سموتريتش قال بوضوح: "الجمهور سيمنحنا ثلاثة أيام". وفي اليوم الرابع جاء غانتس الفاشل، وأيزنكوت الساذج، ومعهما ساعر الانتهازي، فأعادوا للحكومة أنفاسها من فم إلى فم. تلك كانت أكبر جريمة سياسية في تاريخ إسرائيل. كان بإمكانهم الاشتراط على الأقل بتحديد موعد انتخابات أو إبعاد سموتريتش وبن غفير، كما طالب لبيد، لكنهم رفضوا. الآن، بعد عامين، زال أثر الصدمة، وعادت ماكينة الدعاية والتحريض للعمل بأقصى طاقتها. المعسكرات تعود إلى مواقعها الأصلية، هكذا هي الطبيعة.
المعارضة:
موجودة أحيانًا، وتضمّ بعض الأصوات الجديرة بالاحترام، لكنها مشتّتة ولا تتوحّد حول معارضة فكرية حقيقية لحكومة الخراب. ليبرمان يدفع نحو فرض السيادة ومهاجمة إيران، بينِت منشغل بفشل "الهاسبرا" (الإعلام الدعائي)، أيزنكوت تائه مع حزب مؤقت، غانتس محرج، ولبيد يتمسك بالمفهوم "الدولتي" ويقول غالبًا ما هو صحيح لكنه لا يمتلك روح المعارضة القتالية. غولان أنجح منهم في هذا، لكنه لا يسحب أصواتاً من الليكود. الحد الأدنى المطلوب هو توحيد قوى المركز واليمين العاقل.
الإعلام:
في معظمه سطحي، خائف، يسعى لإرضاء السلطة، عسكري النزعة، يخصّص وقت بث وشاشات أكثر للائتلاف ورسائله، مدمن على نتنياهو، يستهلك عناوينه وتسريباته، ويقصي الأحزاب العربية من اللعبة السياسية منذ بدأ بفصلها عن المعارضة.
الهجرة:
منذ تشكيل الحكومة، غادر البلاد ما يعادل ثلاثة مقاعد انتخابية من الناخبين الليبراليين الباحثين عن حياة أفضل، وهؤلاء مفقودون اليوم من المعادلة.