علمت ان زميلتنا د آلاء النجار تقف أمام قسم العمليات بانتظار ما يفيدها عن ابنها الناجي الوحيد من بين ١٠ اطفال قضوا جميعا في قصف غادر لبيت كان يملأه آمال عراض وان كانت مطرزة بالألم و الخوف و الجوع و الحرمان ..... فاسرعت الخطوات إلى هناك و انا استشعر نموذجا فريدا حيث الطبيبة التي تركت أطفالها في ظروف غزة التي لا تزيد محاولة شرح تفاصيل الألم فيها للحقيقة إلا ألما جديدا في محاولة جمع حروف اللغة المتناثرة و الكلمات التائهة أمام صنوف العذاب و الموت المزروع في كل زقاق ...... تركتهم لتؤدي واجبها و رسالتها تجاه كل هؤلاء الاطفال المرضى الذين لا يجدون مكانا سوى مستشفى ناصر حيث يغص المكان بتلك الصرخات البريئة التي اوهنها المرض و الجوع و التعب .....
و قبل ان اغوص كثيرا في محاولة تلمس ذلك النموذج الفذ .... وصلت إلى قسم العمليات ..... هناك سيدات و هناك رجال يصطفون .....
بحثت سريعا بين الوجوه الحائرة و القسمات التي ترسم وجع الكارثة
و ميزت سريعا اكثر تلك الوجوه قهرا و حسرة .... وقفت هناك و قد أدركت بفراستي انها زميلتنا المنشودة و بدأت الملم بعض الكلمات التي اواسيها بها .....
و فجأة أشارت هذه السيدة إلى اخرى و قفت شامخة ... هادئة صابرة ....محتسبة .... بعيون ملؤها الرضا .....لا تسمع لها سوى تسبيح و استغفار يملأ المكان طمأنينة ...تلك هي د آلاء النجار ....
لقد كان آخر ظني ان تكون تلك الأخت هي هي ...
عاودت جمع كلماتي و يممت نحوها ... واسيتها بكلمات بدت صغيرة و بلا ناظم و لا معنى لها امام عظمة الثبات وأمام ذلك اليقين و التوكل ......
و لعلي أرى اول مرة ذلك الصبر الذي وصفه ربي بالجميل ( فصبر جميل )...
القيت بتلك الكلمات ثم لملمت هذه المرة ذاتي التي تاهت أمام ذلك النموذج الفريد الفذ الذي لا أظن أن البشرية قد عرفت ما يشبهه او يدانيه ...
و عدت ادراجي و انا اسأل ذاتي من و كيف و كل أسئلة الحيرة التي لازالت تتردد في خاطري