بن درور يميني
يديعوت آحرنوت
مثلما تبدو الأمور الان يخيل أن هذه ستكون الضربة الاستراتيجية الأهم التي تلقتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر، فالتهديد الأكبر على المحور من ايران وحتى حزب الله وحماس، هو التطبيع بين إسرائيل والسعودية، كجزء من الصفقة الكبرى للدولة العربية الرائدة مع الولايات المتحدة. لم يكن هذا مجرد توسيع لاتفاقات إبراهيم. هذا يفترض أن يكون انعطافة تاريخية. جبهة الرفض والإرهاب كانت ستصبح أضعف بكثير، وإيران كانت ستتعرض لضربة شديدة.
لدول المحور كان سبب حقيقي للقلق، في 20 أيلول، قبل ثلاثة أسابيع من الهجمة الإيرانية قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “كل يوم نحن نتقدم الى السلام”. مر يومان، ونتنياهو، من فوق منصصة الأمم المتحدة اعلن “اننا نقف امام خيار سيحسم هل سيكون سلام تاريخي يجلب الازدهار والامل أم هل سنعاني من حرب رهيبة، السلام الإقليمي لم يبدو ابدا قريبا اكثر. محور الشر كان خطط للرد. في 3 أكتوبر حذر خامينئي من التطبيع. مرت أربعة أيام وإسرائيل تعرضت للهجمة الأكثر فتكا في تاريخها.
بعد أسبوعين من الهجمة قال الرئيس الأمريكي في تلك الأيام، جو بايدن، ان الهدف كان افشال التطبيع. فقد كان يعرف على نحو ممتاز عما يتحدث. ما كانت حاجة لمعلومات استخبارية. كانت حاجة فقط، وفقط وحصريا، للاستماع الى قادة المحور، خامينئي نفسه اكد اقوال بايدن. وكالة الانباء الإيرانية الرسمية نشرت في حزيران 2024 النقاط الأساسية في خطاب الحاكم الأعلى: “توقيت العملية وقع بالذات حين كانت “خطط” لتغيير الدينامية الجغرافية السياسية للمنطقة التي نظمتها الولايات المتحدة و “إسرائيل” للدفع نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. الهلالين في الأصل.
الولايات المتحدة لم تتخلى عن التغيير التاريخي، واصلت الجهود للدفع قدما بالصفقة الكبرى التي تضمنت بالطبع إسرائيل. في مؤتمر ميونخ للامن في شباط 2024 قال انطوني بلينكن: “لإسرائيل توجد فرصة غير مسبوقة، تكاد تكون كل دولة عربية تريد تطبيع العلاقات معها”. وقد استجدى خطوة صغيرة من النية الطيبة من جانب إسرائيل، ولم يحصل عليها.
السعودية هي الأخرى رفضت منح النصر لحماس، مثلا، في تشرين الثاني 2023 عقد في الرياض في السعودية مؤتمر قمة عربية، وعلى الفور منه مؤتمر رؤياء الدول الإسلامية. رئيس ايران وصل هو الاخر. الغضب ضد إسرائيل كان في ذروته، بسبب القصف في غزة. الجزائر وايران طرحتا مشاريع قرارات تتضمن الغاء كل اتفاقات السلام مع إسرائيل، قطع العلاقات واغلاق المجال الجوي امام الطيران الإسرائيلي. وكان الهدف، بالطبع، افشال التطبيع. ابن سلمان، استعراضا للقوة، اظهر من هو الزعيم الحقيقي للعالم العربي. الاقتراحات ردت.
الذريعة الدائمة لنتنياهو لافشال التطبيع مع السعودية هي مطلب الاعتراف بدولة فلسطينية، هذا هراء. الإعلان هو مجرد اعلان. والسعودية والأردن لا تريدان دولة فلسطينية. هنا تتخوفان، بالضبط مثل إسرائيل، وربما اكثر فقبل أسبوعين فقط اخرج الاخوان المسلمون عن القانون في الأردن. وبالتالي أهذا مكا تحتاجه الأردن من خلف الحدود؟ دولة الاخوان المسلمين؟
وكي نعرف ان هذا اعلان فقط، ففي أيلول 2024 نشر تسريب يفيد بانه في حديث مع بلينكن قال له ابن سلمان ان دولة فلسطينية لا تعنيه. هو بحاجة الى اعلان إسرائيلي لأغراض الرأي العام. الأساس هو أن نتنياهو لا يكف عن فرض الرعب علينا كذريعة لافشال التطبيع. اما الحقيقة فهي ان الامر الوحيد الذي يفزع منه نتنياهو هو تفكك الائتلاف. وهذا في واقع الامر اخطر. لانه لو كانت تحققت صفقة إقليمية، لكان حظي بتأييد أحزاب الوسط. لكن على حد نهجه في السنوات الأخيرة، فانه بين المصلحة القومية والمصلحة الائتلافية يختار الأخيرة. هناك حجج معللة ضد ترامب. فقد هجر إسرائيل ووصل الى اتفاق من خلف ظهرها مع الحوثيين. وهو يدير مفاوضات مع ايران دون أي تنسيق مع إسرائيل، في ظل النفوذ المتزايد لمؤيدي الانعزالية وبينهم تاكر كارلسون اللاسامي. ولا يزال ليس ترامب هو الذي افشل التطبيع، الذي أصرت إدارة بايدن بالذات على أن يكون جزءا من الصفقة الكبرى. نتنياهو هو الذي افشله. نتنياهو يصر على أن يمنح ايران وحماس بالضبط ما تريدان. وهما تريدان إسرائيل معزولة وضعيفة تدخل بعمق ابر الى فخ الوحل في غزة.